ومما لا شك فيه أن المعيار الصحيح للحق هو الحق ذاته، ولا عبرة بالرجال والأشخاص. يقول الإمام علي عليه السلام: (اعرف الحق تعرف أهله قلوا أو كثروا) فالكثرة ليست مقياسا للحق حيث نجد أن الله قد ذم الكثرة، ومدح القلة في كثير من آيات الكتاب، ومنها قوله تعالى: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون}(1)، وقوله تعالى: {ولا تجد أكثرهم شاكرين}(2)، وقال جل شأنه: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}(3)، وقوله تعالى: {ولكن أكثر الناس لا يشكرون}(4)، وقوله تعالى: {أكثرهم لا يعقلون}(5)، وقوله تعالى مادحا القلة: {وقليل من عبادي الشكور}(6)، وقوله تعالى حاكيا عن داود عليه السلام: {وإن كثيرا من الخلطآء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ماهم}(7) إلى غير ذلك من الآيات الذامة للكثرة والمادحة للقلة.
والحق أحق بالإتباع، وهو حاكم لا محكوم، فهو الذي يحكم على معتقدات وسلوك الأفراد بالخطأ أو الصواب.
فلو تم التسليم به لانزاحت أسباب الفرقة والإختلاف.
وهذه الصفحات التي تصافح أناملك تتناول في طياتها مسألة الرؤية مستعرضة أدلة كل من النافين والمثبتين مناقشة لها على ضوء العقل والنقل، ومن خلالهما نستلهم الحقيقة ونستبين الحق. وقرنت العقل بالنقل لما بينهما من التقاء تام، وارتباط قوي.
دوافع التأليف
والذي دفعني إلى جمعها هو تقريب وجهات النظر في المسألة بين المسلمين، وإخراجها بصورة مبسطة وشاملة للطالبين، إظهارا للحق.
Sayfa 5