تفخر الناس بالجدود ولكن
أنت فخر الآباء والأجداد
وبك المنتمي يباهي ولو باب
ن أبيه يدعى كمثل زياد
إن في هذه الأبيات أصدق وصف للحال بعد نفي الأمير، ولو كان للأمير تشاؤم ابن مروان؛ لتطير من شعرها الناعي إليه نفسه، ولاشمأز ذلك الأسد فراسه عند ذكر كليب ، ولكن شيخنا - رحمه الله - كان يستوحي الكتب القديمة ولا يستلهم غيرها، فهو في كل ما نظم وما كتب زعيم المقلدين في عصره، لا ينازعه هذه الزعامة أحد. فكأنه ذات مجردة عن المكان والزمان، فما علق بشعره ونثره شيء منهما. فمن لا يعرف أنه نشأ في كفر شيما وشب واكتهل في بتدين، وشاخ في بيروت؛ خاله من مواليد نجد واليمن، وحسبك برهانا على هذا الزعم أنه كتب في «مجمع البحرين» مقامة سماها «المقامة اللبنانية» وليس فيها شيء من ريحة لبنان، إلا وصفا فضفاضا يصلح لكل أرض جبلية؛ فالمتنبي الذي مر عرضا من وراء لبنان، فشاهد قفاه، أو رأى قممه من حمص، قد تأثر به أكثر من شيخنا اليازجي.
أما ما يعجبني من شيخنا فهو أن معجزاته اللفظية أربت على شيخ ربيعة الفرس. ما ترك في «مجمع البحرين» شيئا لم ينظمه شعرا، فمن أسماء الرياح حتى جراء الكلاب وخنانيص الخنازير، وهاك من هذا نموذجا بلا قيمة؛ قال - عظم الله أجره وشكر سعيه:
للخيل مهر، وحوار للجمل
والجدي للمعزى، وللشاء الحمل
والعجل للثور، وللحمير
عفو، كذا الخنوص للخنزير
Bilinmeyen sayfa