ولو لم يفدنا عبرة خطب غيرنا
لهان ولكن عندنا من نسائله
سيعلم قومي أنني لا أغشهم
ومهما استطال الليل فالصبح واصله
وللأمير قصيدة رائعة هي بالملاحم أشبه. قالها في وصف وقعة حطين، وهي أبلغ قصائده إن لم تكن خير ما قيل في موضوع كهذا.
أما الرأي في شعر الأمير فقد قاله خليل مطران: «حضري المعنى، بدوي اللفظ، يحب الجزالة حتى يستسهل الوعورة. نبغ منذ طفولته وكان أبكر الفتيان في نشر ديوان له. وجاء ديوانه في وقته آية، غير أنه لم يلبث أن ترك الشعر وانصرف إلى الترسل فحبس فيه ما أوتيه من العبقرية، على أنه قد يدعوه داع من النفس فينظم. ينظم كما ينثر، فياض الفكر غير تعب، ولكن نظمه يحمل في عهده الأخير أثرا من نثره.» هذا رأي مطران في شعر شكيب، وقد أثبته الأمير في صدر ديوانه، أما رأي الأمير شكيب في الشعر فهو هذا، كما جاء في كتابه: «شوقي أو صداقة أربعين سنة»:
ولو كانت القدمة مما يهجن الشعر لوجب أن يكون هومير منبوذا؛ فإنه أقدم شاعر، ونحن نقول لهؤلاء الذين لا يفتأون يتكلمون في القديم والجديد من الشعر، ويزعمون أن لكل عصر مدرسة: إن هذه المدرسة تكون في كل شيء إلا في الشعر، فإن مدرسته هي القلب، وإن طريقته هي النفس، وإن النفس البشرية لم تتغير ولن تتغير، فهي هي في أذواقها ومشاربها ومواردها في الحياة ومصادرها.
هذا من جهة الشعر على العموم، أما من جهة الشعر العربي الذي تريدون أن تفرنجوه، فالشعر العربي لا يكون شعرا إلا إذا وافق ذوق العرب ولاءم مشارب أنفسهم، وجانس مذاهب لغتهم، واتصل بمناحي حياتهم، فإذا باين الشعر العربي أساليب العرب في بيانها؛ ربما لم يفهموه أصلا، على حد ما قال الأستاذ محب الدين الخطيب: إن الواحد من هؤلاء يظل يومه يسطو على منظومات الإفرنج يستل منها معانيها الغريبة عن الأذواق العربية، فيصوغها بألفاظ وتراكيب يلعن بعضها بعضا، فلا يفهم منها القارئ العربي إلا بقدر ما أفهم أنا من الصيني.
ثم يعقب الأمير على هذا الكلام بقوله: «وأنا أيضا أعترف بأني لا أفهم هذه اللغة التي يكتبون بها.»
هذه آراء الأمير وغير الأمير في الشعر، أما أنا فأرى أن الأمير متأثر بأستاذه الشيخ عبد الله البستاني. والشيخ عبد الله كان معجما ناطقا قلما فاتته شاردة أو واردة. يقول الشعر كطرفة وعنترة، وإليك مطلع قصيدته التي هنأ بها الحويك بالبطركية:
Bilinmeyen sayfa