لقد أحسن الكونت رشيد الدحداح تقديم صديقه الشيخ محمود إلى القراء قبل نشر التصدير والتشطير. ليست القمطرة عندي لأنقل تلك المحاورة الطريفة، ولكني أذكر العبارة التي اعتذر بها قبادو عن ركوب هذا المركب الخشن، قال قبادو: قريحتي صدئت، فأجابه الدحداح: اجلها بالنظم، فقال: اكتب إذن على خيرة الله، ثم كان ذاك التشطير فتكافأ الشاعران قبادو وابن عوانة، وزاد عليه رائد النهضة تصديره الجميل، والناس يذكرون عن قوة ذاكرة قبادو مثل ما ذكروا عن أبي العلاء.
ولهذا الشيخ ديوان كبير جمعه تلميذ له في جزأين، وهو من أصحاب «المعجزات التاريخية»، وقد فاتنا أن نشير إليه مع أصحاب تلك الخوارق، في مقال «التأريخ الشعري». (5) يوسف الشلفون
رائد متسلسل من جد حكم ساحل لبنان تحت ولاية الأمير بشير، وقد أصدر أربع صحف: الزهرة، والنحلة، والنجاح، والتقدم، بالاشتراك مع المطران الدبس، ثم إسحاق، وصابونجي، وأنشأ المطبعة الكلية.
له ديوان عنوانه «أنيس الجليس» قال أكثره في مدح ذوي السلطان، وكبار أولي الأمر في زمانه، وقد «راسل» أدباء وشعراء عصره. أما غزله فأراه يقلد فيه معاصره الشاعر خليل الخوري، فهو يقول مثله، وإن قصر عنه في الإبداع:
هي العيون وإن تسأل هي الأجل
لم تبق صبا وما في قلبه وجل
يا دولة حاجبها ناظران لها
قرت لسطوتك الأيام والدول
ويذكر لبنان مثل خليل، ولكنه لا يبلغ شأوه في وصفه، ولا بدع في تقصيره فقد كان - أولا - عاملا في مطبعة الخليل كمنضد حروف ومصحح مسودات.
وقد حاول كغيره من «الرواد» اجتراح العجائب البيانية فنظم قصيدة تقرأ من الكامل ومجزوئه، وله أيضا موشحات. وقد نظم «تواريخ» من ذوات الطلق الواحد ...!
Bilinmeyen sayfa