ما شأنه بين أرباب الغرام عرج
نبي عشق لعشاق الجمال أتى
لذاك فوق سماء الحسن منه عرج
وللشيخ أيضا «تواريخ»، وألغاز شعرية كما كانوا ينظمون في تلك الأيام.
وكأني أسمع من يقول لي: وأين هذا من غزل اليوم؟ فإلى هذا أقول: لكل زمان رجال، ويا ويل الأمة إذا كان الأبناء والأحفاد دون الآباء والأجداد؛ فحسب الشيخ أنه أسمعنا كلاما فصيحا في عهد كانت العجمة فيه تسوق الناس بعصاها، لقد عمل ما عليه، فلنعمل ما علينا.
أما الشيخ يوسف الأسير، فولد في حجر بساتين صيدا، ثم انتقل إلى دمشق حيث أتم دروسه الأولية، ورحل إلى مصر للتفقه في العلوم العقلية والنقلية، وعاد من الأزهر بعد سنين فكان شاعرا وشيخ علم أكثر منه مؤلفا ومصنفا. شارك في بنيان هذه النهضة بتعليم الكثيرين الفقه وغير ذلك من العلوم، أما تآليفه فأكثرها في العلوم، وقد عرفت من تصفحي ديوان الأنسي أن للشيخ مسرحية عنوانها «سيف الأفكار».
كان شيخنا خفيف الروح، يستطرف مجلسه ويستظرف، وكان شاعرا كالأحدب وإن لم تكن له غزارة مادته. شعره رائق فصيح، أكثره مدح حتى يكاد يكون ربع ديوانه في مدح صديقه أحمد فارس. وللشيخ في النقد أشياء طريفة كتبها يوم دارت رحى المعركة الأدبية بين الشدياق واليازجي والبستاني، فجلى الشيخ يوسف في ذلك المضمار منتصرا لحليفه الشدياق، وإن كان الشيخ ناصيف قد امتدح ديوانه «الروض الأريض» قائلا:
أسير الحق في حكم تساوى
فما يدرى الحبيب من البغيض
إمام الشعر يبتدع القوافي
Bilinmeyen sayfa