الشاعر الواري الزناد الذي
تحكي قوافيه عقود الجمان
ينسي جريرا نظم أبياته
ونثره ينسي بديع الزمان
يا خير من صام وصلى ومن
قام خطيبا وارتدى الطيلسان
وهكذا قعد شعراؤنا يتسلون بالترمس الأحلى من اللوز ... ولكن الشيخ الأحدب لم يكن وكده هذا النوع من الشعر، بل كان يتطلع دائما إلى «الجديد» وإن لم يدركه أهل زمانه، فلأنهم كانوا يدورون على قطب واحد من أنفسهم.
كان مارون النقاش أول من ألف في الفن المسرحي بلغة الضاد - كما سيأتي - فأعجب ذلك أهل عصره فوقف الشعراء يتفرجون. أما إبراهيم الأحدب فأقدم ولم يقف. نظم مسرحية مدرسية مؤلفة من ثلاثة فصول ضمنها الكثير من الفوائد، وقد طبعت عام 1285 وهي تبتدئ هكذا: يقف المؤلف ملخصا موضوع مسرحيته، ثم يرفع الستار فيظهر اثنا عشر ولدا يتحاورون بما يلائم سنهم، وتمشي الرواية.
ولم يقف الشيخ عند هذا الحد الأولي، بل تجاوزه إلى تأليف مسرحية أدبية موضوعها ابن زيدون وصاحبته ولادة، وهي خليط من شعر ونثر مسجع.
أما قريحة الشيخ السيالة، فكانت كنهر بو علي الذي نشأ على ضفتيه كما قلنا. حدث الرواة عنه: أنه كان يملي ما يقترح عليه القول فيه بلا توقف، وكثيرا ما كان ينظم القصيدة الطويلة، ويرتجل الرسالة أو الخطبة في أي موضوع كان، فيبرز ذلك تاما صحيحا بلا تكلف.
Bilinmeyen sayfa