لقد عرف فيه الشعب اللبناني رجل المجلس في وقفات كان له فيها الكلام الفصل، إلا أنه ما لبث أن ركد جانبا وأمسى في المجلس كأنما هو في منزل قلعة.
لقد رأيت النواب في شتى مواقفهم فما أرى أحدا منهم يشبهه؛ كان يطأ عقب المشاكل ليحلها، وهو من أهل العلم بمواقع الحق، فأمسى يطأ عقب الأموات ليرثيها، وقد يكون له في ذلك مآرب أخرى. كان يصرف بين الشعب والحكومة فأصبح يصرف بين الأرواح والله.
سمعت الشيخ «يوسف» منذ سنة يضرب في أرض لبنان خطيبا، فيحث الناس على انتخابه بألوان من الكلام، فجمعت عاطفتي لهذا الرجل إلى ما اتصف به من ماض شريف، وإذ كبر في صدري أن يزجى هذا الرجل عن كرسيه، أرسلت فيه أبياتا من الشعر، جاء فيها:
قد ينكر المندوب يا سيدي
والشعب إن الشعب قد يعثر
قد تنكر الأسماع ما قد وعت
وتنكر الأعين ما تبصر
قد ينكر الإنسان في جهله
لكن ذرى لبنان لا تنكر
ولكن عدت اليوم فاستخرت الحق في القفول عن عقيدتي فيه، وقلت في نفسي: «لم يكن على المندوب من غضاضة في أن ينكر، وعلى الشعب في أن يعثر!»
Bilinmeyen sayfa