أحكام الجنائز ١
أحكام الجنائز ١
Yayıncı
مطبعة سفير
Yayın Yeri
الرياض
Türler
نتَّكل على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منَّا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، وأما من كان منَّا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة؟ قال: «أما أهل السعادة فيُيَسَّرون لعمل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسَّرون لعمل الشقاوة، ثم قرأ ﴿فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ (١).قال ابن رجب – ﵀ –: «ففي هذا الحديث أن السعادة والشقاوة قد سبق الكتاب بهما، وأن ذلك مقدّر بحسب الأعمال، وأن كلًاّ ميسر لما خُلِقَ له من الأعمال التي هي سبب السعادة أو الشقاوة» (٢).
ولاشك أن الله ﷿ إنما يهدي من كان أهلًا للهداية، ويضل من كان أهلًا للضلالة، قال ﷿: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ وَالله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ (٣).
وقال ﷾: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ﴾ (٤).
فبين سبحانه أن أسباب الضلالة لمن ضل إنما هي بسبب من العبد نفسه، والله ﷿ لا يظلم الناس شيئًا، ولكنّ الناس أنفسهم يظلمون، قال
_________
(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب موعظة المحدث عند القبر، وقعود أصحابه حوله، ٢/ ١٢١ برقم ١٣٦٢، ومسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، وكتابة رزقه وعمله وشقاوته وسعادته، ٤/ ٢٠٣٩ برقم ٢٦٤٧. والآيات من سورة الليل: ٥ - ١٠.
(٢) جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم، ١/ ١٦٩.
(٣) سورة الصف، الآية: ٥.
(٤) سورة المائدة، الآية: ١٣.
1 / 99