القواعد في توحيد العبادة
القواعد في توحيد العبادة
Yayıncı
دار الأماجد للطباعة والنشر
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
Yayın Yeri
الرياض
Türler
آثاره، والوقوف في مواقفه، في حج وغيره، هو من أعظم مواطن التبرك التي تكون ذريعة إلى الخير، وصلة إلى الرشد، وقد كان الصحابة ﵃ يبالغون في مثل هذا، ويتنافسون فيه، حتى كان عبد الله بن عمر إذا وصل إلى السباطة التي بال فيها رسول الله ﷺ قائمًا فعل كفعله وبال قائمًا" (^١).
وهذا كما سبق خلاف ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من السلف.
لكن هناك فرقًا بين التأسي به في مجرد أفعاله ﷺ التي لم يقصد بها العبادة، -كما هو الواقع من فعل ابن عمر- وبين تلمس البركة واعتقادها في آثاره ﷺ المكانية، فيعتقد أن في نفس المكان وذات الموضع بركة تلتمس بسببه ﷺ، فهذا الثاني مما لا خلاف فيه بين السلف، وهو من أسباب حدوث الشرك في الأمة، إذ هو ما كانت اليهود والنصارى تفعله مع قبور أنبيائها.
يقول الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان: "فالجاهلية هي التي تعظم آثار أنبيائها، ولهذا يقول عمر ﵁ لما رأى الناس يذهبون إلى شجرة البيعة: (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم تتبعوا آثار أنبيائهم) ثم أمر بقطع الشجرة، وهذه الأماكن لم يقصدها النبي ﷺ للتشريع، أما الأماكن التي قصدها النبي ﷺ للتشريع، مثل صلاته عند مقام إبراهيم، عملًا بقوله تعالى: ﴿مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥]، فإنَّها تشرع الصلاة فها اقتداء بالنبي ﷺ، أما جلوسه في غار حراء، وفي غار ثور، أو جلوسه في الطريق بين مكة والمدينة للاستراحة، فهذا لم يفعله من أجل التشريع، وإنما فعله اتفاقًا وللحاجة، فيجب أن يفرق بين هذا وهذا، فالأماكن التي لم يقصدها للتشريع، وإنما مرّ بها أو جلس فيها
(^١) السيل الجرار (٢/ ٢٠١).
1 / 201