رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة
رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة
Yayıncı
دار السلام للطباعة والنشر
Baskı Numarası
الثانية
Türler
نسخ المصاحف في عهد عثمان بن عفان؛ أسبابه طبيعته:
تمهيد:
جاء في صحيحي البخاري ومسلم: عن ابن عباس ﵄ أن رسول الله ﷺ قال: "أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف" ١.
فنزول القرآن الكريم على سبعة أحرف ثابت بالسنة الصحيحة المتواترة، ولا نزاع في ذلك.
وقد كان ﷺ يقرأ بهذه الأحرف كلها، إلا أن الصحابة ﵃ لم يتلقوا هذه الأحرف جميعها، فمنهم من أخذ بحرف من هذه الأحرف، ومنهم من أخذ بحرفين، ومنهم من زاد على ذلك، فلما تفرقوا في البلاد، أخذ التابعون عنهم حسبما أخذوا عن رسول الله ﷺ، ولذلك اختلف الناقلون للقراءات، فمنهم من نقل قراءة معينة، ومنهم من لم ينقلها، لأنه لم يسمعها ممن أخذ عنه.
وكان أهل كل بلد أو إقليم يأخذون بقراءة من اشتهر بينهم من الصحابة، فأهل الشام يأخذون بقراءة "أبي بن كعب"، وأهل الكوفة بقراءة "عبد الله بن مسعود"، وغيرهم بقراءة "أبي موسى الأشعري" وهكذا٢.
ورغم علم المسلمين أن هذه القراءات إنما هي أوجه متعددة لقراءة بعض الكلمات، نزلت رخصة وتيسيرا من الله ﷿، رحمة بالأمة، إلا أنه مع توالي الأيام ومرور الزمن، وقر في نفوس أهل كل إقليم أن قراءتهم هي الأصح والأولى، مما جعلهم ينكرون على غيرهم قراءتهم حينما يلتقون في مواطن الجهاد والأحفال.
_________
١ أخرجه البخاري في فضائل القرآن: باب أنزل القرآن على سبعة أحرف حديث رقم "٤٩٩١"، ومسلم في صلاة المسافرين: باب بيان أن القرآن على سبعة حروف "٢٧٢/ ٨١٩".
٢ انظر: المصاحف "١/ ١٩٠".
1 / 15