أي الحب الذي لا يكون للمحب فيه أدنى أمل في الفوز بحبيبته. وأعتقد اعتقادا راسخا أن التلاعب بالألفاظ هنا لا يرجع فحسب إلى ولوع شيكسبير في تلك المرحلة من كتابته للمسرح باللغة في ذاتها (فلقد ظل مولعا بها طول عمره) ولكن الدافع عليه أولا هو محاولته تقديم صورة للعاشق التقليدي الذي صوره كتاب السوناتات في عصره الذين استقوا مادتهم من «هنا» ولم يمض إلى أي «مكان آخر» (وإن كان من المفارقات أن يصدق ذلك القول أيضا بمعنى أن الجمهور سوف يدرك بعد قليل أنه يشاهد القناع لا روميو الحقيقي!):
Tut! I have lost myself; I am not here,
This is not Romeo! he’s some other where! (Ii. 188-189)
هراء! فقد ضاع مني كياني ولست هنا!
وهذا إذن ليس روميو! فذاك مضى لمكان بعيد!
أما الدافع على روح الهزل والدعابة التي تشيع في المشاهد الأولى من المسرحية فهو إبراز التناقض بين لهو الشباب الذي ينغمس فيه روميو وأصدقاؤه من الأغنياء المدللين - وأهمهم مركوشيو - وبين رنة الجد التي تغلب على كلامه بعد لقائه جوليت ذلك اللقاء «القدري» العجيب! فالمشهد الثاني يبدأ بداية منثورة إذ يقدم لنا شيكسبير تنويعا على ثيمة الحب والزواج من وجهة النظر المقابلة - وفي الأسرة المعادية لأسرة روميو (أسرة كابيوليت والد جوليت)! إذ «يتقدم» باريس ليطلب يد جوليت رسميا ! وبتركيز كاتب المسرح البارع يدفع شيكسبير بالخادم الذي ذهب يدعو الضيوف إلى حفل كابيوليت في طريق روميو، بحيث نرى استمرارا لرنة الفكاهة التي يولدها شيكسبير عن طريق التناقض بين الشعر والنثر، والجد والهزل! فالخادم الذي يشير إليه المخرج في قائمة الممثلين على أنه مهرج يحاور روميو هكذا:
روميو :
أين سيذهب هؤلاء؟
الخادم :
إلى هناك!
Bilinmeyen sayfa