فرناند روشي
فلما أتم أرمان قراءة الرسالة سأل ليون عن فرناند، فقال له: إنه مستخدم في الوزارة الخارجية، وإنه في السجن منذ أربعة أيام. - بأي ذنب قد سجن؟ - لا أعلم، ولكني أقسم أن فرناند لا يمكن أن يجترم ذنبا يعاقب عليه بالسجن والطرد. - أين منزله؟ - هو ذلك المنزل المقابل لمنزل سريز. - أكان له معرفة بحنة؟ - ربما، فإنه كان يراها كثيرا مع سريز. - إن كان ذلك فهو من الغرابة بمكان؛ فإن أربعة أشخاص متعارفين قد احتجبوا تقريبا في وقت واحد، مما يدل على أن يدا واحدة قد وضعت هذه الحوادث، ولكن لماذا ولأية غاية؟ ومن هو الفاعل؟ إن ذلك من الأسرار المغلقة التي يصعب حل رموزها، فلنذهب إلى فرناند عسى أن نقف منه على شيء.
ثم ذهب الاثنان إلى السجن، واستأذنا بزيارة فرناند فأذن لهما، فلما شاهده أرمان حن إليه قلبه، وهاجت به عواطف الشفقة؛ لما رأى على ملامحه من اليأس والانفعال، فقال له: إنك لم ترني قبل ذلك ولا تعرفني، ولكن سأهتم بشأنك وآخذ بناصرك لأسباب لا يمكن التصريح بها الآن، ولأني أعتقد ببراءتك، غير أني أحب أن أعرف بالتدقيق بما يتهمونك وكيف أنت هنا.
فقال فرناند: إنهم يتهمونني باختلاس ثلاثين ألف فرنك من صندوق الوزارة الذي كانت مفاتيحه معي. ثم قص عليه حكايته من حين ائتمنه بيرابو على المفاتيح، وكيف أعطاه كولار الرسالة من هرمين، إلى أن قبض عليه بمنزل باكارا.
ولما انتهى من حكايته نظر أرمان إلى ليون وقال: لم يبق لدي ريب بأن اتهام هذا الشاب بالاختلاس، واختطاف حنة وسريز صنع يد واحدة، وقد صار يجب أن أرى باكارا.
فقال ليون: وا أسفاه! هي أيضا قد احتجبت، ولا يعلم أحد بمكانها.
فقال فرناند: وإن الأغرب من ذلك وجود المحفظة في جيب سترتي التي كانت معلقة في منزل باكارا، وأنا لم أمسها على الإطلاق.
فقال أرمان: ثق أيها الشاب أن الحقيقة ستتضح عن قريب، وإنه يهمني حل هذا اللغز أكثر ما يهمك، فأخبرني الآن عن خطيبتك هرمين أهي جميلة؟ فأجابه فرناند ببساطة: لا أعلم، ولكنني أحبها. - هل هي غنية؟ - كلا، وفوق ذلك فإن بيرابو لم يسمح بقراني بها إلا على شرط أن تجرد من مهرها الذي يصل إليها من أمها، وأن بيرابو ليس بأبيها. - هل تزوجت أمها مرتين؟ - كلا، ولكنها قد ارتكبت هفوة في صباها، وإن والد هرمين غير معروف.
فتذكر أرمان تلك الرسالة التي أتته من قبل، وكان بها أن امرأة تدعى تريزا قد ارتكبت هفوة في مارلوت، فولدت بنتا ثم تزوجت برجل مستخدم في الوزارة في باريس، فقال في نفسه: ألا يمكن أن تكون هي تلك المرأة التي بحثت عنها منذ حين؟ وقد علم من فرناند أن والدة هرمين تدعى تريزا، فتأكد لديه أنها ابنة البارون كرماروت صاحب الملايين المؤتمن عليها، وقال في نفسه: إن هذه الحادثة ستكشف لي جميع هذه الأسرار.
ثم ودع فرناند وقد وعده بأن يزوره في اليوم الثاني، ولم يذكر شيئا من أمر ذلك الإرث الخفي الذي ستحصل عليه هرمين، وذهب مع ليون إلى منزله، فأخذ ذلك النوط الذي أعطاه إياه البارون كرماروت وهو على فراش الموت؛ ليكون كعلامة يعرف بها صاحبة الإرث على ما تقدم في موضعه من سياق هذا الحديث كما يذكر القراء.
Bilinmeyen sayfa