وارتعشت باكارا وخشيت أن يكون ذلك الرجل فرناند، وعادت إلى مسالمته وقالت: ما زلت سائرا في سبيل الموت، فقل عن الثمن الذي تريده لإفشاء هذا السر. - مائة ألف فرنك، ومتى علمتم السر فإنكم أرأف من أن تقتلوني. - أهذه كلمتك الأخيرة؟ - نعم! - إذن فأنت تريد أن تموت؟ - إني أفضل ألف موت على أن أبيع سرا دون ثمن. - وإذا لم يكن سرك مساويا لهذا الثمن؟ - إنه يساوي أكثر من المبلغ الذي عينته. - قبلت، فقل الآن إذا كان لك ورثاء لأدفع لهم المال.
واضطرب روكامبول ولم يعد يشكك بموته وقال: إنكم لم تفوا بعهودكم، فإني لم أطلعكم على السر كي أورث الناس من بعدي.
وصوب الكونت الغدارة إلى صدره قائلا: لم يبق لك في هذه الحياة سوى دقيقتين، فاذكر اسم الذي تريد أن يقبض المال.
وبينما كان روكامبول ينظر إليه وقد جمدت عيناه من الرعب، إذ فتح باب ودخل منه رجلان عظيما الجثة هائلا المنظر ووقفا موقف الخدم أمام الكونت ينتظران أمره، ولم يعد يشكك بدنو الأجل.
59
كان هذان الرجلان اللذان دخلا من خدم الكونت قد أحضرهما معه من روما للمحافظة عليه، وهما من أشد خدامه خضوعا له، وقد رآهما روكامبول يحملان كيسا عظيما حين دخولهما، فخطر له أن الكونت يريد أن يقتله حسب النمط الشرقي، فيضعه في الكيس ويلقيه من نافذة المنزل إلى النهر الذي كانت تتكسر أمواجه على جدرانه.
وقال له الكونت وهو ينظر إلى الكيس: قلت لك إنه لم يعد لك سوى دقيقتين في الحياة، فاذكر لي اسم وريثك كي أدفع له المال.
فنظر إليه روكامبول نظرة الخائف القانط دون أن يجيب، وعند ذلك تقدمت باكارا من الكونت وسارت به إلى آخر الغرفة وسألته: لا تقتل هذا الرجل، فقد يحمله الخوف على الإقرار بأسرار أخرى. - إنك أعطيتني في هذا الصباح سلطانا مطلقا، ودعيني أفعل ما أشاء واخرجي الآن مع هذه المرأة التي سيغمى عليها ودعيني أفعل ما يجب. - لا تقتله لأني لا أريد. - اذهبي لأنه ينظر إليك.
فخرجت باكارا مؤملة بشفقة الكونت؛ لأنها لم تطق أن تكون السبب في قتل هذا الشاب.
أما الكونت فإنه رجع إلى الخادمين وأشار لهما إشارة خاصة، فحل أحدهما قيود الكيس ودنا الثاني من روكامبول وقبض عليه بيد من حديد، وعاد الكونت وقال لروكامبول: قل لمن تريد أن أدفع المال.
Bilinmeyen sayfa