فلما بلغت كريتشن الخامسة عشرة من عمرها ورد إلى فريتز كتاب من فرنسا، فسافر إلى فرنسا على إثر ورود الكتاب تاركا كريتشن لعناية امرأته.
وقد طال غياب فريتز فمرضت امرأته وماتت بعد ستة أشهر لسفره، فباتت كريتشن فريدة وحيدة في هذا الوجود.
إلا أن عين العناية كانت ترمقها، فإنه لم يمر بها على انفرادها ثلاثة أيام حتى وقفت مركبة تجرها أربعة جياد وعليها شعار النبلاء وخرجت منها سيدة وهي البرنسيس هيلانة دي كارلوتنبورج، فإن الأميرة كانت مرت منذ بضعة أشهر بهذا البيت ورأت كريتشن فأثر بها جمالها وأرادت أن تجعلها في حاشيتها.
فلم تجد كريتشن بدا من القبول؛ إذ باتت وحيدة في الوجود.
على أن فريتز لم يكن قد مات كما توهمت كريتشن، فلما عاد من فرنسا إلى ميونخ وعلم بأن كريتشن عند الأميرة تجهم وجهه، وذهب إلى قصر الأميرة فالتمس مقابلتها، فوجد أن كريتشن باتت في أرقى منزلة لدى البرنسيس، فلم يجسر على أن يسألها الفرار معه، ولكن البرنسيس أذنت بمقابلته، فخلا بها مليا، ولم تعلم كريتشن ما دار بينهما من الحديث في ذلك الاجتماع إلا بعد زمن طويل.
غير أن فريتز أقام منذ ذلك اليوم في قصر الأميرة خصيصا لخدمة كريتشن، فكان يلازمها ملازمة ظلها كأنها مهددة بخطر سري هائل.
ومر عامان، وفي ذلك العهد سافرت الأميرة إلى باريس وصحبت معها كريتشن وفريتز.
وكانت كريتشن قد تربت أفضل تربية في قصر الأميرة وتعلمت خير تعليم، وقد ترعرعت وباتت فتنة الناظرين بجمالها حتى إن الكونت دي مازير الذي كان لا يكاد ينظر إليها في بدء دخولها في خدمة الأميرة بات الآن مدلها مفتونا بها.
وكانت الأميرة قد تزوجت حقيقة بالكونت دي مازير، وإنما بقي هذا الزواج مكتوما لأن ملك بافاريا أبى الموافقة عليه.
أما الكونت فقد كان في مقتبل الشباب، وهو جميل الوجه حلو الحديث كثير التفنن خلافا لكريتشن، فقد كانت على أتم السلامة، فلم يستطع قلبها الصغير مقاومة عيني هذا الكونت فعلقت في شركه، وكانت الأميرة لا تعلم شيئا مما جرى بينهما، على أن الكونت كان قد أقسم لكريتشن أنه عشيق الأميرة وليس زوجها كما يشيعون، وأنه سيتزوج كريتشن، فصدقته الفتاة لسلامة نيتها وسقطت في حبال غرامه.
Bilinmeyen sayfa