الأمر الثاني: أن في الحديث: «فليرقه، وليغسله سبع مرات»، والطعام لا تجوز إراقته؛ لحرمته، ولنهيه ﵊ عن إضاعة المال.
قال في «المدونة»: ورآه عظيما أن يعمد إلى رزق من رزق الله، فيراق؛ لكلب ولغ فيه (١).
وروى عنه ابن وهب: أنه يؤكل الطعام، ويغسل الإناء (٢).
ورجح القاضي عبد الوهاب، واللخمي: أن يغسل إناء الماء والطعام؛ لعموم الحديث.
والقول الأول أظهر عندنا؛ لأن قوله: «فليرقه» يقتضي تقييد النهي بإناء الماء.
فإن قيل: فقد ورد في بعض طرق الخبر الأمر بالغسل مطلقًا؟
قلنا: القاعدة الأصولية: أنه إذا ورد مطلق ومقيد في واقعة واحدة، قيد المطلق، وترك حكم المقيد، بلا خلاف.
قلت: قوله: بلا خلاف، ليس كذلك، بل الخلاف منقول شائع في كتب الأصول، نقله القاضي عبد الوهاب وغيره، وقد بينت ذلك في «شرح التنقيح»، أعان الله على إكماله (٣).
(١) انظر: «المدونة» (١/ ٥).
(٢) انظر: «التمهيد» لابن عبد البر (١٨/ ٢٧٠).
(٣) وقد بينت ذلك في «شرح التنقيح»، أعان الله على إكماله ليس في (ق).