هناك، كنت أخفيتهم طوال هذا الوقت على أمل أن يتلاشوا بطريقة أو بأخرى، أو الأفضل أن يظلوا ينبثقون، لأنهم في الواقع يجب أن يفعلوا ذلك، إذا ما كانت الرواية ستمضي في طريق الجمع بين الثراء والتخمة، بين القدر والمأساة، كما تفعل الروايات عادة، حين تتناول أحداثها اثنين، إن لم يكونوا ثلاثة، من الرحالة التجار، وبستانا كاملا من النباتات والدريقات. «سعف النخيل وأوراق تلك النباتات لا تخفي إلا جزءا صغيرا من التاجر المسافر وحسب -- » نباتات الخلنج كان بوسعها إخفاؤه كلية، وعلى سبيل المساومة، أعطني رميتي الحمراء والبيضاء، التي من أجلها كافحت وتضورت جوعا؛ لكنها الخلنجيات في مدينة «إيستبورن» - في ديسمبر - فوق طاولة عائلة «مارش» --
كلا، كلا، لن أجرؤ؛ كل الأمر عبارة عن كسرات خبز وآنية ملح للسفرة وكشكشات في غطاء المائدة ونباتات سرخس. ربما بعد برهة سيكون لنا وقت بمحاذاة البحر. علاوة على ذلك، فأنا أشعر، من جراء تلك الوخزات اللطيفة من النقوش والزخارف الخضراء وشظايا الزجاج المتكسر، أشعر برغبة في التحديق والتلصص على الرجل الجالس في مواجهتي --
رجل يمتلك القدر الذي يمكنني تدبره. «جيمس موجريدج»، هل هو ذلك الرجل الذي يطلق عليه آل مارش اسم «جيمي»؟ [ميني، يجب أن تعديني ألا تنتفضي أو ترتجفي مجددا حتى أستقر على الأمر]. «جيمس موجريدج يسافر من أجل المتاجرة في --
هل نقول في الأزرار؟ --
غير أن الوقت لم يحن بعد لاستحضار الأزرار في الرواية --
الكبير منها والصغير فوق الكروت الطويلة، بعضها يشبه عيون الطاووس، بعضها ذهبي باهت، بعضها يشبه الحجارة، والبعض مكسو بطلاء الشعب المرجانية --
لكنني قلت إن الوقت لم يحن بعد. هو يسافر، وفي أيام الخميس، يومه الذي خصصه ل «إيستبورن»، يتناول وجباته مع آل مارش. وجهه الأحمر، عيناه الصغيرتان الثابتتان --
كلا، على الإطلاق. الأمور على إجمالها تبدو عادية --
شهيته الرهيبة إلى الطعام (هذا مطمئن؛ لأنه لن ينظر إلى ميني قبل أن يأتي الخبز على مرقة اللحم ويجعلها تجف)، فوطة السفرة مطوية على شكل جوهرة --
ولكن هذا بدائي، وأيا كان الأمر بالنسبة إلى القارئ، فهذا لن يغرر بي. فلنترك أشياء موجريدج جانبا، دعونا نتحرك. حسنا، أحذية العائلة يتم إصلاحها في أيام الآحاد بواسطة جيمس نفسه. إنه يقرأ صحيفة «الحقيقة».
Bilinmeyen sayfa