غير أني، بعيني الشاخصتين صوب الحياة، لم ألحظ المسافرين الآخرين وقد غادروا القطار واحدا فواحدا، حتى غدونا - باستثناء الرجل الذي يقرأ - وحيدتين معا.
ها هي محطة «الجسور الثلاثة»، بدأ القطار يزحف بنا ببطء حتى رصيف المغادرة، ثم توقف.
ترى هل سيغادرنا الرجل؟ في الحقيقة لم أكن واثقة من رغبتي، دعوت الله على الاحتمالين، غير أني في الأخير تمنيت أن يبقى. في تلك اللحظة تحديدا، انتبه الرجل، انتفض، كرمش جريدته وألقاها باستخفاف كما يتخلص المرء من شيء انتهى منه ولم يعد في حاجة إليه، ثم اندفع بعنف نحو باب القطار، تركنا وحيدتين.
بعد انحناءة طفيفة إلى الأمام وعلى نحو فاتر لا لون له، بدأت المرأة الحزينة تتجاذب معي أطراف الحديث --
تكلمت عن محطات القطار وعن العطلات، عن الأشقاء في «إيستبورن»، وعن ذلك الوقت من العام الذي هو فصل ال... نسيت الآن، شتاء أم خريف. لكنها في النهاية نظرت من النافذة، وراحت تتأمل - أنا على ثقة - الحياة وحسب.
أخذت شهيقا ثم قالت: «البقاء بعيدا --
تلك هي الخسارة.»
آه ها نحن نصل إلى بؤرة الفاجعة. - «زوجة أخي.» قالتها بينما المرارة في نبرتها تشبه سقوط قطرات ليمون على سطح من الحديد البارد، وكأنها تتحدث --
لا معي --
بل مع نفسها، تمتمت: «هراء!» كأنما أرادت أن تقول: «هذا ما يردده الجميع دوما.»
Bilinmeyen sayfa