تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: ٣٤] .
الأمور المستقبلة التي لا تعلم بالقطع:
فإذا كان هذا شأن الساعة التي هي من الأمور القطعية، ومن ضروريات الدين، لا يعلمها أحد، فما ظنك بغيرها من الأخبار والحوادث كالفتح والهزيمة، والمرض والصحة، فإنها لم تشتهر اشتهار القيامة، ولم تكن منزلتها من القطع واليقين كمنزلة القيامة، كذلك لا يعرف أحد متى ينزل المطر، مع أن الفصول معينة، وللأمطار فصل وإبان، تجيء فيه الأمطار في غالب الأحيان، أما الأشياء التي ليس لها فصل معين، ولا يتفق الناس على الحاجة إليه، أو الرغبة فيه، كأن يموت رجل أو يعيش، أو أن يرزق أحد ولدا، أو يغنى الإنسان أو يفتقر، أو أن ينتصر أحد في حرب أو ينهزم أحد، فلا سبيل إلى علمها لأحد، وكذلك ما كان في الأرحام من نطفة، فلا يعلم.
العلم بمكنونات الضمائر وهواجس الخواطر، ليس بميسور دائما:
وإذا كان هذا شأن أمور تظهر أماراتها، وتعرف مقدماتها، فكيف بما يضمره الإنسان من أفكار وخواطر، وإرادات ونيات، وإيمان ونفاق، وهي في بطون الضمائر، وطيات الصدور، وإذا لم يعلم أحد ما مصيره غدا، وما هو فاعله ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ فكيف يعلم
1 / 104