فصل: [الرفيق والطريق]
والمقصود أن القلب لما تحول لهذا السفر طلب رفيقًا يأنس به في السفر فلا يجد إلا معارضًا مناقضًا، أو لائمًا بالتأنيب مصرحًا، أو فارغًا من هذه الحركة معرضًا، وليت كل ما ترى هكذا فلقد أحسن إليك من خلاَّل وطريقك ولم يطرح شره عليك كما قال القائل:
أنا لفي زمن ترك القبيح به ... من أكثر الناس إحسان وإجمال
فإذا كان هذا المعروف من الناس فالمطلوب في هذا الزمان المعاونة على هذا السفر بالإعراض وترك اللائمة والإعتراض إلا ما عسى أن يقع نادرًا فيكون غنيمة باردة لا قيمة لها. ولا ينبغي أن لا يتوقف العبد في سيره على هذه الغنيمة بل يسير ولو وحيدًا غريبًا فانفراد العبد في طريق طلبة دليل على صدق المحبة.
ومن نظر في هذه الكلمات التي تضمنتها هذه الورقات علم أنها من أهم ما يحصل به التعاون على البر والتقوى وسفر الهجرة إلى الله ورسوله، وهو الذي قصد سطرها بكتابتها وجعلها هديته المعجلة السابقة إلى أصحابه ورفقائه في طلب العلم. وشهد الله وكفى بالله شهيدًا ولو توافي أحدًا منهم لقابلها بالقبول ولبادر
1 / 73