ما يقولونه في الوقت ويقدرون عليه، ما يشبه القرآن ويوازيه.
٤٠ - واعلم أنه يلزمهم أن يفضوا في النبي ﷺ بما قضوا في العرب، من دخول النقص على فصاحتهم، وتراجع الحال بهم في البيان، وأن تكون النبوة قد أوجبت أن يمنع شطرًا من بيانه، وكثيرا مما عرف له قبلها من شرف اللفظ وحسن النظم. وذلك لأنهم ذا لم يقولوا ذلك، حصل منه أنيكون ﵇ قد تلا عليهم: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَاتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَاتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء: ٨٨]، في حال هو يستطيع يها أن يجيء بمثل القرآن ويقدر عليه، ويتكلم ببعض ما يوازيه في شرف اللفظ وعلو النظم. اللهم إلا أن يقتحموا جهالة أخرى، فيزعموا أنه ﵇ قد كان من الأصل دونهم في الفصاحة، وأن الفضل والمزية التي بها كان كلامهم قبل نزول القرآن في مثل لظفه ونظمه، قد كان لبلغاء العرب دون النبي ﷺ. وإذا قالوا ذلك، كانوا قد خرجوا من قبيح القول إلى مثله، فلم يشك أحد أنه ﷺ لم يكن منقوصًا في الفصاحة، بل الذي أتت به الأخبار أنه ﷺ كان أفصحَ العرب.
٤١ - ومما يلزمهم على أصل المقالة أنه كان ينبغي لهم لو أن العرب كانت منعت منزلة من الفصاحة قد كانوا عليها أن يعرفوا ذلك من أنفسهم، كما قدمت، ولو عرفوا لكان يكون قد جاء عنهم ذكر ذلك، ولكانوا قد قالوا للنبي ﷺ: "إنا كنا نستطيع قبل هذا الذي جئتنا به، ولكنك قد سحرتنا، واحتلت في شيء حال بيننا وبينه"، فقد نسبوه إلى السحر في كثير من الأمور، كما لا يخفى، وكان أقل ما يجب في ذلك أن يتذاكروه فيما بينهم، ويشكوه
1 / 148