Sınırdaki İnsanlara Mektup
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
Araştırmacı
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
Yayıncı
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
Baskı Numarası
١٤١٣هـ
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
İnançlar ve Mezhepler
وقال لليهود لما بهتوه: ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ ١، فلم (يجسر) ٢ أحد٣ منهم على ذلك مع اجتماعهم على تكذيبه، وتناهيهم في عداوته واجتهادهم في التنفير٤ عنه، لما أخبرهم بحلول الموت بهم إن أجابوه إلى ذلك.
فلولا معرفتهم بحاله في كتبهم وصدقه فيما يخبرهم لأقدموا على إجابته ولسارعوا إلى فعل ما يعلمون أنه فيه (توهين) ٥ أمره، ثم إن الله ﷿ بعد إقامة٦ الحجج عليهم أزعج خواطر جماعتهم للنظر فيما دعاهم إليه ونبههم عليه بالآيات الباهرة والمعجزات القاهرة، وأيده بالقرآن الذي تحدى به فصحاء قومه الذين بعث إليهم لما قالوا إنه مفترى أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات أو بسورة مثله وقد خاطبهم فيه بلغتهم فعجزوا عن ذلك مع إخباره له٧ أنهم لا يأتون بمثله ولو تظاهر على ذلك الإنس والجن٨.
وقطع ﵇ عذرهم به وعذر غيرهم، كما قطع موسى ﵇ عذر السحرة وغيرهم في زمانه بالعصى التي فضحت سحرهم، وبان بما كان منها لهم
_________
١ سورة الجمعة: آية (٦) .
وهذه مباهلة خاصة باليهود، وقد ربط ابن كثير بين هذه الآية وبين ما جاء في سورة البقرة من مباهلتهم أيضًا في آية (٩٤، ٩٥)، وعلق بقوله: "فهم عليهم لعائن الله، لما زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وقالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى. دعوا إلى المباهلة والدعاء على أكذب الطائفتين منهم، أو من المسلمين، فلما نكلوا عن ذلك علم كل أحد أنهم ظالمون..." (انظر: تفسيره ١/١٨٣) .
وعن ابن عباس ﵄ قال: قال أبو جهل: لئن رأيت رسول الله ﷺ يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ عنقه قال: فقال: "لو فعل لأخذته الملائكة عيانًا، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم في النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله ﷺ لرجعوا لا يجدون مالًا ولا أهلًا". أخرجه أحمد في المسند ١/٢٤٨، وأخرج البخاري ما يتعلق بأبي جهل في كتاب التفسير عند تفسيره سورة العلق ٦/٢٨٩، وكذلك الترمذي ٥/٢٤٤، وانظر: مجمع الزوائد ٨/٢٢٨.
وذهب ابن حجر في الفتح إلى أن تحدي الله لليهود في القرآن من أظهر معجزات القرآن فقال: "ومن أظهر معجزات القرآن إبقاؤه مع استمرار الإعجاز، وأشهر من ذلك تحديه اليهود أن يتمنوا الموت، فلم يقع ممن سلف منهم، ولا خلف من تصدى لذلك، ولا أقدم مع شدة عداوتهم لهذا الدين، وحرصهم على إفساده، والصد عنه فكان في ذلك أوضح معجزة". (انظر: فتح الباري ٦/٥٨٢) .
٢ ما بين المعقوفتين من (ت) ونسخة ابن تيمية وفي الأصل: "فلم يجيبوه".
٣ في (ت) "أحدًا".
٤ في الأصل: "التغير" وما أثبته من (ت) ونسخة ابن تيمية.
٥ ما بين المعقوفتين من نسخة ابن تيمية، وفي الأصل و(ت) "توهن".
٦ في (ت) "إقامته".
٧ في (ت) "لهم".
٨ يشير الأشعري هنا إلى ما جاء في القرآن من تحدي الله للكفرة والمشركين أن يأتوا بمثل القرآن، ولقد كرر الله عليهم هذا التحدي ليظهر عجزهم ويفضح أمرهم، فدعاهم أولًا أن يأتوا بمثله كما في سورة الإسراء آية: (٨٨)، ثم دعاهم أن يأتوا بعشر سور مثله كما في سورة هود آية: (١٢)، ثم بسورة واحدة مثله كما في سورة يونس آية: (٣٨)، ثم بسورة واحدة من مثله كما في سورة البقرة آية: (٢٣) .
وفي كل مرة يفسح لهم المجال ويبيح لهم الاستعانة بمن رغبوا دون قيد أو شرط.
ويلفت الدكتور "عبد الله دراز" النظر إلى أسلوب هذا التحدي فيقول وهو بصدد الكلام عن التحدي الوارد في سورة البقرة: "انظر كيف تنزل معهم في هذه المرتبة من طلب المماثلة إلى طلب شيء مما يماثل، كأنه يقول: لا أكلفكم بالمماثلة العامة، بل حسبكم أن تأتوا بشيء فيه جنس المماثلة ومطلقها، وبما يكون مثلًا على التقريب لا على التحديد، وهذا أقصى ما يمكن من التنزل...". (انظر كتابه: النبأ العظيم ص٨٤) .
والواقع أن القرآن الكريم في قمة المعجزات على الإطلاق بلغ ذروة الإعجاز في نظمه وأسلوبه، وفصاحته وبلاغته، وتأثيره في المؤمنين وحتى الكافرين دليل على ذلك، ويكفي أن رؤساء الكفر والضلال خافوا على أنفسهم من سماعه وحذر بعضهم بعضًا منه، وفي ذلك يقول الله ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ سورة فصلت: آية (٢٦) .
ولقد ذكر الباقلاني بعض وجوه الإعجاز في القرآن في كتابه الإنصاف (انظر: ص٦٢، ٦٣) .
كما عقد "القاضي عياض" في كتابه "الشفا" فصلًا ذكر فيه وجوه الإعجاز في القرآن. (انظر: كتابه ١/٢٥٨) .
1 / 94