المبحث الخامس قيمته العلمية
تظهر قيمة هذا الكتاب العلمية في أنه صدر من الأشعري الذي ينتسب الناس في معظم أقطار الدنيا إليه، فشخصيته مشهورة لها مكانتها في دنيا الناس، ثم هو يكتب في أهم أصول الدين، ويذكر ما كان عليه سلف هذه الأمة، وما تلقوه من الرسول ﷺ وساروا عليه، ولم يكتبه بصورة تاريخية خاطفة، وإنما ذكر علمًا عقد له بابًا فقال: "باب ذكر ما أجمع عليه السلف من الأصول التي نبهوا بالأدلة عليها وأمروا في وقت النبي ﷺ بها"، ثم ساق واحدًا وخمسين إجماعًا في ذلك، جمع فيها الكلام على الذات الإلهية، وما ينبغي لها من صفات الجلال والكمال، ثم تكلم عن الأمور الغيبية بتفصيل، ثم ذكر موقف أهل السنة من الخلاف الذي وقع بين الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين -، وموقفهم من أهل البدع والمخالفين.
كما قرر صحة نبوة النبي ﷺ وبين أن أسلم الطرق هو الطريق الذي رسمه ووضعه لأمته، وأن الخروج عليه خروج عن الحق والدليل.
كما تطرق إلى طريقة الفلاسفة والمتكلمين وإلى مسلكهم في إثبات حدوث العالم، وبين أن طريقتهم فيها من الخفاء والغموض ما يجعلها عاجزة عن إقامة دليل على هذه القضية.
ومن هنا كان الكتاب جامعًا لعقيدة السلف، متطرقًا لمعظم ما كان عليه الصدر الأول، ومرجعًا لمن أراد الوقوف على عقيدة السلف وما أجمعوا عليه في الصدر الأول مؤيدًا بالقرآن والسنة.