وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)﴾ [العصر: ٣]، فأقسم -سبحانه- على خسران نوع (^١) الإنسان، إلا من كمَّل نفسه بالإيمان والعمل الصالح، وكَمَّل غيره بوصيته له بهما؛ ولهذا قال الشافعي ﵀: "لو فكر الناس كلهم في سورة العصر (^٢) لكفتهم" (^٣).
ولا يكون من أتباع الرسول على الحقيقة إلا من دعا إلى الله على بصيرة (^٤)، قال الله - تعالى -: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ [يوسف: ١٠٨]، فقوله: ﴿أَدْعُو إِلَى اللَّهِ﴾ تفسير لسبيله [التي] (^٥) هو عليها، فسبيله وسبيل أتباعه: الدعوة إلى الله، فمن لم يدع إلى الله فليس على سبيله (^٦).
وقوله: ﴿عَلَى بَصِيرَةٍ﴾، قال ابن الأعرابي (^٧): البصيرة الثباتُ في
_________
(^١) (نوع) ساقطة من ج.
(^٢) في ج (فيها) بدل (في سورة العصر).
(^٣) ذكره ابن كثير في تفسيره بلفظ: "لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم" (٤/ ٥٨٥).
(^٤) (على بصيرة) ساقطة من ب، وج.
(^٥) في الأصل (الذي)، وفي ب (اللائي)، وكلاهما لا يصح.
(^٦) في ج (هو وأتباعه) بدل (فسبيله وسبيل) إلى (على سبيله).
(^٧) هو أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي، من موالي بني هاشم، كان نحويًا، عالمًا باللغة والشعر، ناسبًا، قال الذهبي: "وكان صاحب سنة واتباع"، (سير أعلام النبلاء ١٠/ ٦٨٨). له عدة كتب في النوادر، وله كتاب الأنواء، وصفة الخيل، ومعاني الشعر، وغير ذلك. توفي سنة (٢٣١ هـ) وقد جاوز الثمانين.
(انظر ترجمته في: طبقات النحويين واللغويين، لأبي بكر الزبيدي، ص ٢١٣ - ٢١٥، وإنباه الرواة، للقفطي ٣/ ١٢٨ - ١٣١، وبغية الوعاة، =
1 / 23