فمثلا إذا حققوا ربحا من بعض الأعمال يقولون: إن الله قد أعطاهم المال، وإذا رغبوا في شيء ما يقولون: إن الله هيأ قلوبهم على نحو ما، وإذا خطر ببالهم شيء يقولون: إن الله قد تحدث إليهم بهذا؛ لذلك، يجب ألا نعتقد عندما نقرأ في الكتاب عبارة قال الله إن هناك نبوة أو معرفة تعلو على الطبيعة إلا عندما يؤكد الكتاب ذلك بصريح العبارة، أو عندما تؤكد ظروف الرواية أن نبوة أو وحيا قد حدث بالفعل.
وعندما نفحص الكتب المقدسة نجد أن الله قد أوحى للأنبياء بالكلام أو بالمظاهر الحسية أو بالطريقتين معا، وفي بعض الأحيان يكون الكلام والمظهر الحسي حادثا بالفعل، لم يتخيله النبي لحظة سماعه أو رؤيته، وأحيانا أخرى يكون مجرد خيالات، بحيث تكون مخيلة النبي مهيأة، حتى وهو في اليقظة، على نحو يجعله يتخيل أنه يسمع صوتا أو يرى شيئا بوضوح.
مثال ذلك أن الله قد أوحى لموسى الشرائع التي سنها للعبرانيين بصوت حقيقي، ويخبرنا سفر الخروج بذلك (25: 22): «فأجتمع بك هناك، وأخاطبك من فوق الغشاء من بين الكروبيين.»
8
فهذا يدل على أن الله استخدم صوتا حقيقيا، بدليل أن موسى كلما أراد أن يتحدث الله إليه وجده مجيبا لرغبته. ولكن، باستثناء هذا الصوت الذي أبلغ الشريعة، لم يسمع أي نبي كان - كما سأبين فيما بعد - أي صوت حقيقي آخر.
وربما كنت أجد نفسي ميالا إلى اعتبار صوت الله الذي ينادي به صموئيل في الكتاب حقيقيا لأننا نقرأ في صموئيل
9 (الأول، 3: الآية الأخيرة): «وعاد الرب يتراءى في شيلو لأن الرب تجلى لصموئيل في شيلو بكلمة الرب.» والواقع أن النص يبدو كما لو كان يشير إلى أن حضور الله هو ظهوره بكلمة أو بسماع صموئيل لله وهو يتكلم. ومع ذلك، لما كان من الضروري ضرورة مطلقة أن نفرق بين نبوة موسى ونبوة غيره من الأنبياء، فإننا مضطرون إلى أن نؤكد أن الصوت الذي سمعه صموئيل كان من صنع الخيال، فضلا عن أن الصوت كانت له نبرة صوت عالي
10
الذي كان صموئيل يسمعه عادة، ومن ثم كان يسهل عليه تخيله. ولما ناداه الله ثلاث مرات ظن أنه سمع عالي. على أية حال كان الصوت الذي سمعه أبيملك
11
Bilinmeyen sayfa