42
الفرع السادس: في التطبيق والخاتمة
قد أتينا فيما سبق على ذكر القواعد النظرية التي عليها الاسترقاق، ولنبحث الآن بحثا مدققا عن الوجه الشرعي الذي يعامل به الزنوج الذين كانوا يردون علينا ويجلبون إلينا من أواسط أفريقيا قبل عقد المعاهدة بين الإنكليز ومصر في 4 أغسطس سنة 1877.
هل هؤلاء المساكين أرقاء حقا؟ هذا موضع تجوز الريبة فيه وتدخل الشكوك عليه، لأننا إذا طبقنا نصوص الشريعة تطبيقا مدققا وبالحرف الواحد كنا على اتفاق تام مع قواعدنا الدينية الحاثة على التقدم، الساعية في الارتقاء، وقلنا إنه يلزم لاسترقاقهم شرطان:
الأول:
أن لا يكونوا يدينون بدين الإسلام في وقت أسرهم.
الثاني:
أن يكون أخذهم بطريق الحرب.
وقد كان يتفق وجود مسلمين بين هؤلاء الزنوج، وكان لا بد من اعتبارهم أحرارا، حيث تقرر أنه «لا يجوز استرقاق المسلم المولود من أبوين حرين»، وأما الآخرون الذين لا يدينون بالإسلام فيشترط في استرقاقهم الأسر في حرب شرعية بعد الإنذار والإشهار، ويشترط أن تكون الحرب في صالح الإسلام، وبما أن أمثال هؤلاء الزنوج كانوا يؤخذون سبيا واختطافا، أو بطرق أخرى غير شرعية يقصد منها المنفعة الشخصية الخصوصية، فلذلك لا يصح القول بأنهم حقيقة أرقاء.
وفي هذا المقام قد يرد علينا اعتراض مهم، وهو: (بما أن هؤلاء الزنوج لم يكونوا حقيقة أرقاء، فلماذا كنتم تفترشون الإماء وتجعلون منهن أمهات الولد؟) والسبب في ذلك سهل بسيط، وهو أن السواد الأعظم منا كان يفعل ذلك عن جهل ليس إلا، من غير زيادة ولا نقص، على أن البعض كفريق من العلماء كانوا يحتاطون قبل افتراش الإماء، فيستعلمون أولا عما إذا كانت الشرائط المطلوبة قد استوفيت كلها، وإلا لم يفترشوهن.
Bilinmeyen sayfa