40
على مكاتبته، فغرس له بيده المباركة ثلاثمائة نخلة، وقال: أعينوا أخاكم. فأعانوه على دفع المال، وقدره أربعون أوقية من الذهب، لأن المكاتبة كانت على غرس ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية من الذهب، وبذلك تم له نيل حريته.
وعتق أم الولد يتم بمجرد افتراش السيد لها متى أقر بأولادها وألحق نسبهم به، وفي حياة المولى تكون حالة هذه الأمة شبيهة بحالة الموصى بعتقها، فلا يجوز بيعها ولا هبتها، ومتى توفي نالت فوق ذلك حريتها بلا مقابل، ولو ترك المتوفى ديونا عظيمة.
وإليك شاهد على تطبيق هذه القاعدة والعمل بها، قالت سلامة بنت معقل: كنت للحباب بن عمرو، ولي منه غلام، فلما توفي قالت لي امرأته: الآن تباعين في دينه. فأتيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له، فقال: من صاحب تركة الحباب بن عمرو؟ قالوا: أخوه أبو اليسر كعب بن عمرو. فدعاه فقال: لا تبيعوها وأعتقوها.
وهذه الأحكام المساعدة على العتق هي محترمة مقدسة، حتى إنه عليه الصلاة والسلام أثبتها وقررها بمناسبة فراشه مع أمته مريم والدة سيدنا إبراهيم عليه السلام.
وكذلك حكم العتق في الأمة غير المسلمة، فإنها تنال حريتها بمجرد افتراشها لمولاها.
وقد جاء في نصوص الشرع الشريف أحكام أخرى تنيل العبد حريته، ومثال ذلك إذا صار الرجل عبدا لآخر تجمعه وإياه روابط القرابة والنسب، سواء كان من الأصول أو الفروع لأية درجة كانت، فإنه يعتق عليه حتما، وإذا هرب العبد الأجنبي من بلاده، وجاء إلى دار الإسلام وأسلم، نال حريته. ولا يخفى على من له إلمام بالتواريخ والسير أن كثيرا من العبيد قد التجئوا في واقعتي الطائف والحديبية إلى معسكر النبي عليه الصلاة والسلام، فصرح
صلى الله عليه وسلم
في الحال بأنهم عتقى أحرار، ولم يلتفت قط إلى مطالبة أسيادهم بهم.
Bilinmeyen sayfa