وكانت أثمان العبيد المتعلمين المتأدبين غالية جدا، ومثلهم المعدون لتشخيص الروايات، ولا تسل عن المغالاة في دفع الأثمان الزائدة لمشتري الجواري الحسان البارعات في الجمال اللاتي يجعلن لمقتنيهن حظا كبيرا في الاستحصال على كثير المال، بسبب تعرضهن للفسق والفجور، وفي عهد الدولة كان القوم يدفعون المبالغ الباهظة للاستحصال على بنات ذات دلال، وذلك حيثما ازداد فساد الأخلاق واختلت قواعد الآداب وانتشرت الزخرف فيهم إلى ما تجاوز الحدود.
وكانت رومة شبيهة ببلاد اليونان في تقسيم الأرقاء على أنواع؛ فمنهم الأرقاء العموميون،
22
ومنهم الأرقاء الخصوصيون؛ فأفراد الفريق الأول كانوا ملكا للحكومة، وكانت حالتهم أفضل وأحسن من حالة إخوانهم بكثير، فكان عليهم العناية بشأن المباني العمومية، بل ومساعدة القضاة والكهنة في القيام بواجبات وظائفهم، وكانوا يستخدمون فوق ذلك سجانين وجلادين (سيافين) وملاحين وأمثال ذلك من الوظائف، وأما أفراد الفريق الثاني فكان عليهم أن يقوموا بكافة شئون الخدمة في دور مواليهم ، كأن يكونوا بوابين وخدامين وطهاة
23
ومستخدمين لقضاء الحاجات وما أشبه ذلك.
ولم يكن في نظر القانون إلا كشيء من الأشياء، فليس له ملكية ولا عائلة ولا صفة شخصية.
وقد سبق لنا القول بأن الولادة قد تكون سببا في الاسترقاق، ولذلك كان القانون يبيح للسيد استرقاق من تلده أمته، والمقرر في الشريعة الرومانية أنه فيما عدا النكاح تكون حالة الولد شبيهة بحالة أمه حين وضعها له، بمعنى أنها إذا كانت حرة في ذلك الوقت فالولد يكون حرا، وإذا كانت رقيقة فالولد يكون رقيقا أيضا مهما كانت حالتها في أثناء الحمل، على أن هذه الشدة قد تلطفت فيما بعد وتقرر أنه يكفي في حرية المولود أن تكون أمه نالت حريتها أثناء الحمل
24 (انظر فتاوى بوستينيانوس).
وكان حق العقوبة من نتائج سلطة الموالي على أرقائهم، فكان الأرقاء الذين يأتون بهفوة يجازون عليها بالشدة، وفي بعض الأحيان بقساوة فائقة عن الحد لم يسمع لها بمثيل، فكان أخف العقوبات وألطفها عندهم استعمال الرقيق في مشاق الحراثة والزراعة، وهو مكبل بالسلاسل مثقل بالأغلال معرض لأقسى أنواع العذاب، وأما العقوبة بالجلد بالسياط فكانت في غاية القسوة ونهاية الشدة، حتى إنها كانت تنتهي بالهلاك في أغلب الأوقات، وكانوا يعاقبون الرقيق أيضا بتعليقه من يديه وربط الأثقال في رجليه.
Bilinmeyen sayfa