لكن ذلك، بالطبع، كان يعني دخول عالم الخيال. لم يكن ثمة شيء غامض بشأن راكب المقصورة «بي 7». كانت له هوية، ووطن وأهل، وفتاة تنتظره. كما كان فرنسيا بوضوح، وحقيقة أنه يكتب شعرا إنجليزيا بخط يد إنجليزي كانت أمرا عرضيا تماما.
قال في خبث للصوت: «ربما ذهب إلى مدرسة في كلابام»؛ وغط في النوم في الحال.
الفصل الخامس
في الصباح استيقظ وهو يشعر بآلام الروماتيزم في كتفه اليمنى. فظل راقدا يفكر في هذا الأمر في اندهاش متسم بالتمهل. لا يوجد حد لما يمكن أن يحققه عقلك الباطن وجسدك معا. يمكنهما أن يوفرا لك أي ذريعة تريد. ذريعة جيدة وصادقة على نحو مثالي. عرف أزواجا كانت درجة حرارتهم ترتفع وتظهر عليهم أعراض الإنفلونزا في كل مرة تكون فيها زوجاتهم على وشك أن يغادرن لزيارة الأقارب. وعرف نساء كن يتسمن بالصلابة لدرجة أنه كان يمكنهن أن يشاهدن عراكا بالموسى دون أن يرمش لهن جفن، ومع ذلك كن يفقدن الوعي في إغماءات شديدة حين يطرح عليهن سؤال محرج أو صعب. («هل انهارت المتهمة بفعل استجواب الشرطة لها لدرجة أنها فقدت الوعي مدة خمس عشرة دقيقة؟» «لقد غابت عن الوعي بلا شك.» «لا شك في أنها تظاهرت بفقدان الوعي، أليس كذلك؟ يقول الطبيب إنه رآها وقت الواقعة، وكانت توجد صعوبة كبيرة في إفاقتها. وهذا الانهيار كان نتيجة مباشرة لاستجواب الشرطة الذي كان ...» وما إلى ذلك.) أوه، أجل. لا يوجد حد لما يمكن أن يدبره كل من عقلك الباطن وجسدك معا. واليوم كانا قد دبرا شيئا سيبعده عن النهر. كان عقله الباطن يريد الذهاب إلى سكون اليوم والتحدث مع أمين المكتبة العامة. وعلاوة على ذلك، كان عقله الباطن قد تذكر أن اليوم هو يوم السوق، وأن تومي سيأخذ السيارة إلى سكون. لذا فقد شرع عقله الباطن في العمل مع جسده المتملق دائما ومعا حولا عضلات كتفه المتعبة إلى مفصل لا يعمل.
كم هذا دقيق!
نهض وارتدى ملابسه، وكان يجفل في كل مرة يرفع فيها ذراعه، ثم نزل إلى الأسفل ليتسول توصيلة من تومي. حزن تومي على إصابته لكنه كان مسرورا بصحبته، فكان كلاهما مغتبطا في هذا الصباح الربيعي الدافئ، وكان جرانت مفعما بالسرور حتى إن استنباط المعلومات دائما ما كان يكفيه، لدرجة أنهما كانا يمران بالسيارة عبر ضواحي سكون الخارجية قبل أن يتذكر أنه كان في سيارة. إنه كان حبيس سيارة مغلقة.
كان في غاية السرور.
قطع وعدا بأن يلتقي تومي على الغداء في فندق كاليدونيان، وذهب يبحث عن المكتبة العامة. لكن وقبل أن يبتعد واتته فكرة جديدة. كان قطار «فلاينج هايلاندر» قد مر يطقطق فوق فواصل السكة في سكون قبل بضع ساعات فقط. فكل أربع وعشرين ساعة من بداية العام وحتى نهايته، كان قطار «فلاينج هايلاندر» يقوم بتلك الرحلة الليلية ويصل إلى سكون صباحا. وحيث إن أطقم القطارات غالبا ما تكون عالقة في الرحلة نفسها، متناوبة فيما بين أفرادها أيام العمل والإجازات، كان يوجد احتمال أن واحدا من الطاقم الذي كان وصل إلى سكون على متن القطار «فلاينج هايلاندر» هذا الصباح هو موردو جالاتشر.
لذا غير اتجاهه وذهب إلى المحطة بدلا من المكتبة.
سأل أحد الحمالين: «هل كنت في مناوبتك حين وصل قطار بريد لندن هذا الصباح؟»
Bilinmeyen sayfa