قال وهم يمضون ببطء بالسيارة على الطريق الرملي نحو البوابة، والحصى يندفع من تحت الإطارات: «ليس من المفترض أن يذهب الكفار إلى الكنيسة.»
فسألته أمه وتركيزها على الطريق: «من الكافر؟» «أنا. أنا من أتباع محمد.» «إذن أنت في حاجة ماسة للذهاب إلى كنيسة مسيحية من أجل هدايتك. افتح البوابة يا بات.» «لا رغبة لي في الهداية. أنا راض بحالي كما أنا.» وفتح البوابة وأمسكها ليمرا ثم أغلقها خلفهما. وقال وهو يعاود ركوب السيارة: «أنا أرفض الكتاب المقدس.» «إذن لا يمكن أن تكون تابعا صالحا من أتباع محمد.» «ولم لا؟» «لديهم هم أيضا بعض من الكتاب المقدس.» «أنا متأكد من أن داود ليس لديهم!»
سأله جرانت: «ألا توافق على داود؟» «شخص بائس مثير للشفقة، يرقص ويغني كالمخنثين. لا يوجد شخص واحد في العهد القديم أثق فيه بحيث أذهب معه إلى سوق بيع الأغنام.»
جلس منتصبا في منتصف المقعد الخلفي، مفعما بقدر كبير من التمرد؛ فلم يستطع أن يسترخي، وكانت عيناه القاتمتان ترقبان الطريق أمامه في غضب متسم بشرود الذهن. وخطر في ذهن جرانت أنه ربما كان هو الآخر يريد أن ينزوي بعيدا عن الناس في استياء. سره أن قريبه هذا كان شعلة فظة ومنتصبة من الاستياء وليس كومة صغيرة منهارة من التحسر على الذات.
ترجل الوثني المتضرر من السيارة عند الكنيسة، وهو لا يزال فظا ومنتصبا، وسار مبتعدا من دون أن ينظر خلفه لينضم إلى مجموعة صغيرة من الأطفال بالقرب من الباب الجانبي.
سأل جرانت لورا، بينما كانت تعاود التحرك بالسيارة: «ها قد صار في مدرسة الأحد، فهل سيحسن التصرف؟» «أوه، أجل. إنه يحبها حقا. وبالطبع دوجلاس سيكون هناك: إنه مخلص له كإخلاص يوناثان لداود. إن اليوم الذي لا يستطيع فيه أن يقضي جزءا منه في توبيخ دوجي وإملاء الأوامر عليه هو بمثابة يوم ضائع. لم يعتقد حقا أنني سأسمح له أن يأتي إلى بلدة سكون بدلا من الذهاب إلى مدرسة الأحد. إنما كانت محاولة منه.» «كانت محاولة مؤثرة للغاية.» «أجل. يتمتع بات بمواهب تمثيلية رائعة.»
قطعا ميلين آخرين قبل أن تتلاشى أفكاره عن بات من ذهنه. عندئذ، على نحو مفاجئ نوعا ما، وفي ظل الفراغ الذي خلفه رحيل بات، أدرك أنه في سيارة. إنه محبوس في سيارة مغلقة. على الفور توقف عن كونه رجلا بالغا يشاهد، في أناة واستمتاع، تصرفات طفل غير منطقية، وصار طفلا يشاهد، في تلعثم وذعر، التقدم العدائي لعمالقة.
فأنزل النافذة التي على جانبه عن آخرها. وقال: «أعلميني إن كنت تشعرين أن الهواء كثير جدا عليك.»
فقالت: «لقد أمضيت وقتا طويلا للغاية في لندن.» «كيف ذلك؟» «وحدهم الأشخاص الذين يعيشون في المدن هم من يكونون مدمنين للهواء النقي. أما أهل الريف فيرغبون في جو فاسد لطيف باعتباره تغييرا من الهواء الطلق اللامحدود.»
قال جرانت: «سأرفعها إن أردت»، رغم أن فمه كان متيبسا من الجهد الذي بذله لينطق بهذه الكلمات.
Bilinmeyen sayfa