في السنين الأخيرة عدة منافذ فيه. والمذبح الكبير منحوت في الصخر ، وعن يمينه غرفة ينفذ إليها النور من عدة نوافذ منقورة في الصخر أيضا. وكان فوق باب الكنيسة صخرة كبيرة فيها حروف كتابة لم أستطع قراءتها. وفي الجانب الشمالي من الكنيسة نفسها صهريجان كبيران تحت الأرض ، طول كل منهما أربعمائة وخمسون خطوة ، وله قوسان كبيران يسندهما عدد كبير من العمد. وهما يملآن في كل سنة بسيول الأمطار المنحدرة من الجبل المجاور ، فيكون منها ما يشبه نهرا. وعلى بعد ربع فرسخ من الكنيسة تنزل من الجبل نيفا ومائة خطوة بين الصخور ، وعلى جانبي الطريق غرف منقورة في الصخر ، وفوق كل باب صليب ، وفي كل غرفة دكة ومنضدة وموضع صغير أشبه بسرير بطول الإنسان. كل ذلك مقدود في الصخر. وفي أسفل الصخرة قاعة حول جدارها دكة ، والسقف ساذج لا أقواس فيه. وفي وسطه ثقب ينفذ إلى أعلى الجبل ، ولما كان النور لا يخترقها ، فيغلب على الظن أنه كان منفذا للدخان المتصاعد أثناء الطبخ ، أو لدخول الهواء النقي كما لا حظت ذلك في كثير من قرى خليج فارس (1). وفي أعلى أحد هذه الجبال قرية حقيرة يشترون منها مؤونتهم. وقبل أن تصل القافلة إلى هاتيك الغرف الصخرية ، يستوضح التجار الراكبون في المقدمة من الرعاة عما إذا كان لهم علم بوجود لصوص فيها ، إذ كثيرا ما يختبئون هناك متربصين فريستهم.
وفي سنة 1738 ، عندما سار السلطان مراد لحصار بغداد ، سلك هذا الطريق ، وشاهد هذه الخرائب ، فأمر بتخريب قلعة كانت على نحو فرسخين من قره سراي اتخذ منها لصوص تلك البقاع ملجأ لهم. وأمر كذلك بتنظيف الطريق إلى مسيرة أربعة أيام ، وذلك بالتقاط الحجارة المتبعثرة وجمعها في أكوام تحاذي الطريق. وبنى أيضا قنطرة فوق النهر. والحق يقال إن زحف السلطان عاد بفائدة جزيلة على المسافرين في هذا الطريق.
Sayfa 38