في النَّظم والنثر ما زالت فصاحتُهُ ... تقابلُ الدرَّ أسلاكًا بأَسلاكِ
وفاتحُ البابِ في فنِّ البيان فلا ... يحتاجُ يومًا إلى مفتاحِ سكَّاكِ
هو سيدنا الذي لا زال مقدارهُ عليًّا، مولانا شيخ الإسلام يحيى بن زكريّا، مَتّع الله المسلمين بطول بقائه ودوام أيامه، وعطّر الأكوان من ذكره الشريف بمسك ختامه، ولا زالت ظلاله على الأيام ممدودة الرواق، وبدور سعادته وسيادته آمنة من الأفول والمحاق، ومناقبه الجميلة سائرة الأمثال في الآفاق.
ولا برحت تزداد عزًا ورفعةً ... بمنصبه العالي صدور المجالسِ
فقد قال الإسكندر في حق الحكيم الأول لمَّا دوَّن الحكمة وزين ديباجتها بألقابه: من ذَكَرَني فيما يبقى فقد أبقاني أبدًا.
ما تنسجُ الأيدي يبيد وإنَّما ... يبقى لنا ما تنسجُ الأقلامُ
وعسى أن يلحظها حظ فتشرف بمطالعته، ويصلني دهري الخؤون من بعد مقاطعته، وإذا كان علو مقامه يمنع من ذلك، وما بي من القصور يقول لست هنالك:
إن الملوك وإن جلَّت مناصبُها ... لها مع السُّوْقةِ الأسرارُ والسَّمَرُ
فقصة الأعرابي بإهداء قربة ماء إلى خليفة الزمان، وإهداء رجل جرادة إلى حضرة السيد سليمان، معلومة عند سمو شأنه، وعلو مكانه، ولقد قيل:
لو أنَّ كلَّ يسيرٍ رُدَّ محتقرًا ... لم يقبلِ اللهُ يومًا للورى عَملا
المرءُ يُهدي على مقدار طاقتِهِ ... والنَّملُ يُعذرُ في القدرِ الذي حملا
على أن الهدية ما كانت أقل، فهي أجمل للأجل، كما أن العطية ما كانت أجلّ، فهي أفضل للأقل، وإن كنت في ذلك كمن أهدى الزهر إلى رياضه، والقطر إلى
1 / 7