120

لتساعد الباشا الأخير على طرد عشيرة أخرى من عشائر اللصوص وقطاع الطرق. وكانت الخدمات التي قدمها الشيخ صفوگ لعلي باشا قد أهلته ، على ما يرى هو ، لأن يحظى بالمزيد من التسامح والامتيازات. لكن عليا كان يفكر تفكيرا يختلف عما كان يفكر به رفيقه السابق في هذا الشأن ، فرفض مطاليب صفوگ وهدده بالسخط عليه. وعلى أثر ذلك تراجع أولا إلى القسم الشمالي من بلاد ما بين النهرين ، وأخذ يقطع الطرق وينهب القوافل ويسلب السياح والمسافرين. ولأجل أن يعرض على سيده السابق نموذجا من قوته وسطوته ، جاء بعد ذلك بقبيلته كلها وأحدق ببغداد نفسها (1).

فظلت المدينة محاصرة ثلاثة أشهر ، وصارت القرى المجاورة تنهب متى شاء وأراد هذا اللص الجلد ، من دون أن تبدر أية معارضة له من جانب الباشا والحقيقة أن الباشا لم يكن يملك الوسائل اللازمة لذلك. وفي نهاية تلك المدة قوض الأعراب خيامهم على حين غرة واختفوا عن الأنظار ، وليس بوسع أحد أن يعلم ما إذا كان السبب في ذلك تناقص العلف وقلة السلب المتيسر ، أم ظهور عوامل أخرى في الأفق. وبذلك وجدت بغداد نفسها في صباح يوم من أيامها الجميلة متحررة من زوارها المزعجين. وتراجع صفوگ إلى منازله في شمال العراق. لكنه وعد بأن يعيد الزيارة في السنة التالية ، فأخاف الباشا بهذا التهديد بحيث إنه بعث يطلب مساعدة عنزة. وهذه عشيرة

Sayfa 136