الجانب ، وقد يكون ذلك ناشئا عن الصرامة التي تتصف بها حكومته. فمن النادر أن يسمع شيء عن السرقة واللصوصية ، ولا تغلق باب من الأبواب في الليل مطلقا. ومع ذلك يندر أن تطبق عقوبة الموت بين ظهرانيهم. وإنما تقطع اليد عن السرقة وتقطع القدم عقابا للفرار من الجندية ، وتسمل عين واحدة أو عينان عن الجرائم الأخرى. على أن عقوبات أشد صرامة من هذه قد تفرض في بعض الأحيان على سبيل العبرة للآخرين. فقد لجأ ذات يوم إلى بلاد المير شيخ من شيوخ القبيلة العربية طي (1) مع عشيرته ، بعد أن أجبرتها على الرحيل من ديرتها عبر دجلة قبيلة الجربا القوية ، وهناك عاش عيشة رضية هادئة في ظل القوانين والأنظمة التي وضعها المير. لكنه مل الهدوء وسئم الخمول الذي تفرضه حياة الدعة والعطالة ، وبينما كانت إحدى القوافل تمر بمخيمه آمنة مطمئنة أغراه ما فيها من سلب ونهب إغراء لم يستطع كبحه في نفسه فانقض عليها وغنم جميع ما كانت تحمله من سلع وبضائع. غير أن اليوم الثاني ما إن انتهى وحل المساء حتى حضر إلى مخيمه نصف دزينة من الأكراد ، ودخلوا إلى خيمته من دون كلام أو مراسيم ثم احتزوا رأسه على بابها وعادوا من حيث أتوا بهدوء.
وحينما كان الدكتور في أربيل قوبل بترحاب غير يسير من قبل أحمد بك حاكم أربيل وشقيق المير ، وزاره سلطان بك أحد رؤساء المعسكر. وهناك علم أن الجيش كان يتألف من خمسة عشر إلى عشرين ألف رجل ، وكانوا كلهم عاطلين في معسكرهم لأن عقرة كانت قد تم الاستيلاء عليها قبل مدة من الزمن. ويقع هذا الحصن على قمة صخرة تكاد تكون عمودية على ما يبدو ، ولا يمكن الوصول إليها إلا من طريق واحد ضيق بحيث لا يستطيع أن يركب فيه شخصان جنبا إلى جنب (2).
Sayfa 23