وعشرين مرحلة، وما بعدها أول حدود متدينة نجد فلم أستطع أن أخطو خطوة واحدة في أرضهم، خيفة من أن أقتل شر قتلة، على يد جهلة عشائر البدو ذوي الأهواء والضلة، فأرسلت مع رفيقي الرسالة، وبلغت كتابة جميع الأمانة، وعززت ذلك بكتاب مني أوضحت فيه عذري وألححت على الأمير برد الجواب، وهذه أول خدمة للإسلام، أقوم بها على يد سيدنا الإمام. أقمت في الحائط منتظرا رفيقنا ثمانية أيام، ثم اضطر شيوخ القرية أن يردوا المدينة المنورة فصحبتهم، وأقمت هنالك ثلاثة أيام عند رجل دمشقي بأمر من سمو الأمير علي، وخيرني سموه بين المقام، أو العود إلى دمشق الشام، فاخترت الثاني ورجعت بحمد الله سالما.
ليس بي الآن قوة- وأنا عليل المزاج، منحط الجسم، مشتت الفكر- لأكتب لسيادتك أكثر مما كتبت، أو أوضح أكثر مما أوضحت، وذاك بأنه ليس ركوبي على ظهر الجمل، بأشد خطرا ، ولا أكثر ضررا، من ركوبي في بطن القطار، الذي بقيت فيه تسع ليال، ما أذوق المنام إلا غرارا، من شدة الازدحام، وحذار جهال البدو اللئام، وحسبي أن أنقل من مذكرات رحلتي نبذة يسيرة من أحوال جهال المتدينة، وقصيدة في وصفهم، وكتابي، وكلها أرسلتها إلى الأمير مع كتاب سيادتك، وفي أول فرصة أتمكن بها من المثول بين يديك أبسط أمامك ما يجب بسطه إن شاء الله، وعليك أيها السيد الكريم في الختام كريم التحية والسلام.
محمد بهجة البيطار
Sayfa 63