وبالفعل تجد نفسك إذا بلغت ذات عرق ، وأنت ذاهب من مكة إلى الطائف ، قد ارتفعت ، ونشقت هواء نجد ، ثم إن الطريق من السيل الذي هو من ذات عرق كله صعود إلى المكان الذي يقال له اليوم القهاوي ، والذي يقولون : إنه كانت عنده سوق عكاظ ، حسبما سمعت من أهل مكة ، ومن أعرقهم وأعتقهم الشيخ عبد القادر الشيبي ، كبير بني شيبة ، وسادن البيت الحرام ، ومن ذات عرق إلى الطائف بالسيارة مسيرة ساعتين .
وبعد أن تفوت ذات عرق بنحو نصف ساعة بالسيارة تجد على يسارك مفرقا للطريق المؤدية إلى بلاد العارض من نجد ، ومن هذه الطريق يسير الملك عبد العزيز بن سعود عند ما يقصد الرياض ، وعليها تدرج سياراته التي تبلغ أحيانا مئة وسبعين سيارة ، فتصل إلى الرياض من مكة في أربعة أيام ، وهي على الجمل مسافة عشرين يوما ، ولو كانت الطريق معبدة كما يجب من مكة إلى ذات عرق ، ومن ذات عرق إلى الرياض ، لكان من الممكن الوصول في أقل من يومين ، إلا أن تعبيد طريق كهذه على مقتضى أصول هندسة الطرق ينبغي له أموال لا تطيقها حكومة الحجاز ونجد في الزمن الحاضر ، وهي التي لا يساعد واردها على مثل هذه الإنشاءات كلها ، فإن الداخل قليل ، والحمل ثقيل ، والآمال متوجهة إلى تمهيد هذه الطرق تدريجا ، وأما الآن ، فإن درجة إصلاح هذه الطرق هي الدرجة التي يقال لها : على قدر الإمكان ، وتعبدها السيارات بدواليبها ، والخيل بحوافرها ، والأباعر بأخفافها ، وهلم جرا.
* * *
Sayfa 159