** لا يكرهون في الدنيا شيئا كرههم للأوقاف الإسلامية ، ولا
يخافون في مستعمراتهم من شيء كمخافتهم منها ، لأنهم يعتقدون أن المسلمين إذا أحسنوا إدارتها وضبط حاصلاتها ، كان لهم منها منبع إمداد عظيم في أمورهم السياسية ، فلذلك تراهم يسعون بقدر طاقتهم في محو رسومها.
** وأما الغرض الثاني : فهو إمداد المبشرين والرهبان ، وتوطيد
أقدامهم في بلاد الإسلام ، ليتمكنوا من بث دعايتهم بين المسلمين ، مما لم يبق خافيا على أحد ، ومما لم يبق أدنى سبيل للمكابرة فيه ، فبدلا من أن هذه الحكومات المستعمرة تشتري لهؤلاء المبشرين والدعاة عقارات وأراض من مالها ، تجد الأقصد والأوفق أن تصرفهم في أوقاف المسلمين ، فتكون أغنتهم من كيس غيرها ، وتكون جمعت بين دفع ما تعتقده ضررا ، وجر ما تعتقده منفعة.
** والمجلية في هذه الحلبة والحق يقال من بين جميع الحكومات
المستعمرة هي الحكومة الإفرنسية ، فلم نعهد حكومة استطابت طعم أوقاف المسلمين مثلها ، ولا استحلت طعمتها للرهبان والمبشرين بدرجة استحلالها ، ولقد تمكنت منها عادة التسلط على أوقاف المسلمين في المغرب إلى حد أنها حاولت مثل ذلك في المشرق ، فهي تأبى إلا أن تسيطر على أوقاف المسلمين في سورية ، برغم أن النصارى واليهود فيها متصرفون في أوقافهم بتمام حريتهم.
** وقد راجعنا في هذا الأمر جمعية [عصبة] الأمم ، وأوضحنا لها كيف
أن الدولة المنتدبة في سورية تترك النصارى واليهود أحرارا في أوقافهم ، وتتعرض لأوقاف المسلمين خاصة؟ وكيف أنها وهبت الرهبان وقفا عظيما من أوقاف المسلمين في اللاذقية وغير ذلك ، ووجدنا لجنة الانتدابات الدائمة تؤيد رأينا في هذه المسألة ، وتقترح على فرنسة ترك مسلمي سورية أحرارا في أوقافهم ، كما هم مسلمو فلسطين ، التي هي تحت انتداب إنكلترة ، ولكن الحكومة الإفرنسية لا تبرح تماطل وتتعلل
Sayfa 145