Nuba Zamanında Bir Yolculuk
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Türler
لم تلعب الثروة الحيوانية شأنا كبيرا في حياة السكان، وذلك لضيق الأرض وقلة المرعى الطبيعي، ومع ذلك فقد كانت هناك أعداد لا بأس بها من الماعز والأغنام،
9
ومعظمها موجه للاستخدام المحلي، وهناك مناسبات عديدة تذبح فيها الأغنام والماعز، على رأسها مناسبات الزواج والختان والوفيات، والقادرون يذبحون أيضا عند جمع المحصول الجديد، وكذلك إذا حلت أضياف من الرجال بالمنزل - ويمكن أيضا ذبح الطيور في مثل هذه المناسبة - ويلاحظ أيضا ذبح خروف أو عنزة وبيعها لحما لمن يريد الشراء؛ وذلك للحاجة إلى نقود سائلة، وخاصة لدى الفقراء والعجائز من النساء، وربما تكثر هذه الممارسة عند وجود عمال الزراعة أو غيرهم من العاملين الغرباء.
وكانت رعاية هذه الحيوانات من وظائف المرأة والأطفال، سواء في الصيف على ما ينمو من نباتات في أرض السهل غير المزروعة، أو بقايا المحصول بعد جمعه، أو في الشتاء حيث تكون الدريسة الغذاء الأساسي وتكون حركة الحيوان محدودة. وأهم أوجه الاستخدام هو اللبن الذي يدخل كغذاء يومي وحده أو مع الشاي أو في صورة لبن مخمر أو رايب، وكذلك يستخدم الصوف لعمل البرد والأغطية إذا كان في الناحية من يتقن هذه الصنعة.
وإلى جانب ذلك كانت هناك أعداد من الأبقار بلغ عددها عند حصر التعويضات نحو ثمانية آلاف وسبعمائة رأس، وربما كان هذا العدد كبيرا نسبيا بالنظر إلى ضيق المرعى، لكنه كان أمرا لا بد منه لمن يستخدمون السواقي، كما لا يفوتنا أن بعض السكان كانوا يربون الأبقار لبيعها لتجار الشمال، وبرغم قلة المرعى فإن محصول الكشرنجيج، بما فيه من نمو خضري وفير وإمكانية حشه ثلاث مرات وسرعة نضجه، كان بلا شك المصدر الأساسي لغذاء الحيوان في النوبة، والأغلب أن معظم الأبقار كانت توجد في القسم الجنوبي من النوبة لاتساع الزمام الزراعي بالقياس إلى شمال النوبة، وعلى وجه العموم فإن وجود البقر هو جزء من النشاط الزراعي كأداة في إدارة السواقي، وكمنتج حيواني له فوائده المعروفة.
وفي كورسكو يعرف تجار الماشية باسم «البشاتة»، وبعضهم من وادي العرب، لكن الغالبية من الصعيد الأعلى وأسوان، وبعض البشاتة ينزلون النوبة في يناير-فبراير، لكن أكثرهم يأتون في نوفمبر حين تكون الماشية قد سمنت بعد المرعى الأخضر من حشائش وكشرنجيج خلال الصيف، فإذا نزلوا بالبوستة كورسكو على سبيل المثال، فإنهم يشترون ما يستحسنون من الأبقار ثم يتركوها في رعاية شخص ما، ثم يتحركون إلى أبي حنضل ويفعلون مثل ما فعلوا، ثم الديوان ... إلخ، وحين يستوفون غرضهم يؤجرون مركبا شراعيا لتوصيلهم من بلد لآخر، ينقلون فيها ما اشتروه من أبقار إلى كورسكو ، ثم ينقلون ما جمعوه في البوستة إلى الشلال.
أما حيوانات الركوب فقد اقتصرت على الحمار كوسيلة شائعة في كل نواحي النوبة، ويتراوح عددها بين عشرة حمير في النواحي الصغيرة إلى نحو مائة حمار في القرى الكبيرة التي تمتد نجوعها امتدادات كبيرة، وليس معنى هذا أن حركة راكبي الحمير كانت تملأ النجوع، بل هي مقتصرة على الانتقال إلى نجوع بعيدة، وهي على الأغلب حركة محدودة، ذلك أن معظم حركة الناس كانت تدور في مساحات صغيرة داخل النجع، وإلى جانب ذلك فإن الحمير كانت تستخدم في نقل الحصاد وقش المحاصيل من الحقول إلى البيوت، وربما أيضا في نقل السلع التي تأتي للتجار بطريق النهر، لكنها لم تكن كثيرة أو ذات أوزان ثقيلة في أغلب الأحيان.
وعلى الرغم من وجود الإبل في بعض النواحي ولفترات محدودة، إلا أنها كانت ملكا للعشائر البادية من العبابدة والبشارية، وقد يحدث استخدام الإبل في نقل المحصول مقابل أجر نقدي أو عيني يدفع لصاحب الجمل.
أما الخيل فلم يكن لها وجود في بلاد النوبة؛ لعدم الحاجة إليها، ولتكلفة إعاشتها الباهظة، لكنها كانت موجودة في زمن الكشاف الذين كانوا يستخدمونها كرمز للقوة الحربية، ولسرعة الحركة وقتال الذين قد يشقون عصا الطاعة عليهم، وكل هذا زال بعد استتباب الأمن منذ أن حلت الإدارة المصرية محل إدارة الكشاف للنوبة في مصر وشمال السودان، ولم تعد هناك حاجة للإبقاء على هذا الحيوان المكلف، لا للوجاهة ولا لأي احتياج عملي له. (7) صيد الأسماك
على الرغم من أن بلاد النوبة تمتد طوليا بحذاء نهر النيل، إلا أن الأسماك لا تلعب دورا مهما في الحياة الغذائية في كثير من القرى والنجوع النوبية، ويرجع ذلك إلى وجود نوع من «التابو»؛ أي التحريم ضد أكل السمك، وأبسط تفسير يعطيه أولئك الذين لا يأكلون السمك هو أنه الحوت الذي ابتلع جدهم يونس، والحوت لدى الكثير هو السمك، والحواتة هم السماكة أو صيادو السمك، وبعض القرى تقتصر في تحريمها على سمك القرموط الذي يخصونه باسم الحوت.
Bilinmeyen sayfa