Nuba Zamanında Bir Yolculuk
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Türler
وترتب على امتداد النجوع طوليا بموازاة النهر أن النجوع في النوبة على وجه عام ليست ذات عرض كبير، بل قد تكون على الأغلب بعرض بيتين إلى أربعة بيوت على الأكثر، وبذلك زادت أعداد النجوع في العمدية الواحدة بحكم صغر أعداد البيوت في النجع الواحد، فضلا عن العقبات الناجمة عن وعورة سطح الأرض، مما لا يسمح باتساع النجع أو تلاصق البيوت، عكس ما كان عليه الحال حينما كانت البيوت تبنى على مسطح منبسط قرب نهاية السهل الفيضي قبل التعلية الثانية لسد أسوان عام 1933.
والاقتراب من النهر ومشاهدته يوميا أمر هام بالنسبة لسكان النوبة بصفة عامة، حيث يلعب النهر طقوسا ممارسة في بعض القيم الاجتماعية، وخاصة في طقوس الزواج حين يخرج العروسان إلى النهر صبيحة القران، وقد يبلل الواحد منهما الآخر برشة من ماء.
وفيما قبل إنشاء سد أسوان وتعليته لم تكن العمديات النوبية ولا بيوتها على هذا النحو من الامتداد والاتساع، فقد شابهت قرى النوبة غيرها من قرى مراكز أسوان وإدفو من حيث مواقعها داخل السهل الفيضي وبنيانها من اللبن وأحجامها الصغيرة، بينما حين هاجرت تلك القرى إلى المناسيب الأعلى بعد 1933 بصفة خاصة، أصبحت المساحات في الأراضي غير القابلة للاستثمار واسعة وخامة البناء الحجرية في متناول اليد، ومن ثم أصبحت البيوت واسعة والنجوع متفرقة.
وإذا كانت الأمور السكانية والسكنية على نحو ما أسلفنا، فإنه ليس متوقعا وجود مدن نوبية، وهذا هو الحاصل حتى لو كانت هناك مراكز إدارية، فعنيبة مقر المركز الإداري لم يتعد سكانها 2621 فردا عام 1960.
ومن الأمور التي يجب تسجيلها أن بيوت النوبة بصفة عامة تتميز بالاهتمام الشديد بالتزيين، وخاصة الديوان أو حجرة الضيوف، فهناك أنواع من الحصير أو المنسوجات الملونة تنسدل على الحوائط مع كثير من المرايا والصور، بينما تتدلى من السقف الشعاليب، وهي أنواع من الحبال المجدولة المعلقة في السقف، وتنتهي بأنواع عديدة من الصحون المصنوعة من الصيني أو الفخار الملون تحفظ فيها أنواع من الحلوى والطعام، وكلها ذات ألوان قوية مختلفة؛ مما يزيد بهجة المكان.
وتتميز بيوت الكنوز بصفة خاصة بالطلاء الأبيض المزين برسوم عديدة من ابتكار الفنان الذي هو في الأغلب سيدة البيت، وغالبية بوابات البيوت تعلوها من الخارج أطباق من الصيني الأزرق - عادة خسمة أطباق أو ثلاثة مرتبة في صورة هرمية - والتفسير الحالي هو أنها تصد عين الحسود، وبعض جدران هذه البيوت تبلغ درجة عليا من الفن التلقائي ، التي وصفها المعماري حسن فتحي بأنها كما لو كانت عالما جديدا حلوا ومتناسقا خارجا من أرض الأحلام.
الفصل الخامس
أوجه النشاط الاقتصادي النوبي
من الأمور المعروفة أن الأقاليم التي تتسم بفقر الموارد الطبيعية يقل فيها التخصص في شكل رئيسي من أشكال الإنتاج، وتزداد عدد الحرف وتتنوع من أجل تعويض الفقر في الموارد الطبيعية والبشرية، وكان هذا هو الوضع بالنسبة لكثير من البيئات فقيرة الموارد مثل الصحاري أو إقليم النوبة الذي نحن بصدده في هذا المجال. (1) مجمل المتغيرات في النشاط الاقتصادي
في إقليم النوبة كنا نرى الأنشطة الآتية: الزراعة مع بعض تربية الحيوان، السماكة والنقل النهري، صناعة الفحم النباتي، خدمات التجارة الداخلية، تصدير بعض المنتجات المحلية إلى خارج النوبة، وخاصة التمور والأعشاب البرية ذات الفوائد العلاجية، وساطة النقل السلعي من السودان الأوسط إلى بقية مصر عبر الدروب الصحراوية، وخاصة وادي كورسكو والعلاقي، هذه الأنشطة كانت سائدة حتى أوائل القرن الحالي، وبعضها اندثر بعد إنشاء سد أسوان وتعليته عام 1933، وخاصة إنتاج وتجارة التمور والأعشاب البرية والنقل التجاري عبر أودية الصحراء، وحل محلها هجرة العمل النوبي إلى مدن مصر والسودان بصورة مكثفة عن ذي قبل.
Bilinmeyen sayfa