Zaki Najib Mahmud'un Düşüncelerinde Bir Yolculuk
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
Türler
أما جوانية عثمان أمين فهي ليست مذهبا بالمعنى الدقيق ولا محاولة لإقامة مذهب، وهو نفسه يقول: «الفلسفة عندي شيء آخر غير «النسق» المحكم المغلق المحيط ...»
94
وإنما هي مجموعة من الانطباعات الشخصية عن الحياة والمجتمع والثقافة، والإنسان ...إلخ، كونها من مطالعاته الكثيرة متأثرا بمجموعة من الفلاسفة والمفكرين منهم ديكارت، وكانط، وفشته، وبرجسون، ومحمد عبده ...إلخ، وهي ضرب من «التعاطف» مع الأشياء والناس لالتماس «المخبر» لا المظهر، «الباطن» لا «الظاهر»، وتفحص «الداخل» بعد ملاحظة «الخارج»، وتلتفت إلى المعنى «وإلى» القيمة وإلى «الروح» ... إلخ، لكن ذلك كله مجرد انطباعات، كما قلنا، وتجارب شخصية وهذا واضح من «اليوميات الجوانية»، التي يسجل فيها أستاذنا مجموعة من الخواطر والتجارب الشخصية المتصلة بقضايا وأحداث عامة فكرية وأخلاقية.
95 (3)
أما تعادلية توفيق الحكيم التي عرضها في كتيب لا تكاد صفحاته تزيد عن مائة وثلاثين صفحة من القطع الصغير؛ فهي سياحة تطوف على ميادين الفكر؛ لتقف عند كل ميدان منها لحظة تعطيك جرعة تفجر في نفسك بعدئذ تساؤلات وتأملات. إنها سياحة تطوف بك إلى ميادين: الميتافيزيقا، والأخلاق، والاقتصاد، والاجتماع، والسياسة، والجيولوجيا، وغيرها من فروع العلم والمعرفة. لكن هذه السياحة لا يمكن اعتبارها «فلسفة مقترحة» ولا هي «مذهب» يجمع شتات الأفكار التي تبعثرت على طريق نهضتنا منذ نحو قرنين من الزمان.
غير أن الملاحظة التي تستوقف النظر حقا هي أن الحكيم أراد من هذه المحاولة إقامة التعادل بين «العقل والقلب»، حتى إنه ذهب إلى أن اختلال التعادل بينها «كانت له نتجته الطبيعية التي لا بد أن تلازم كل اختلال في الميزان، وهي القلق»، وفضلا عن ذلك فهو يريد إقامة قاعدة أساسية للتعادل بين «الإيمان والعقل»، بين «العمل والفكر» بين «الإرادة البشرية والإرادة الإلهية»، كما يرى أن الخير والشر كليهما ضروري ليعادل الآخر ... إلخ، وكأن الأفكار التي يعرضها إرهاصات بفلسفة ثنائية أو شعور منه بحاجتنا إلى مثل هذه الفلسفة. (4)
المشروع الثقافي عند زكي نجيب محمود غير مسبوق والفلسفة العربية الثنائية المقترحة هي ضرب جديد من التفلسف، يحاول لأول مرة أن يجمع شتات الأفكار التي تناثرت على طريق نهضتنا، دون أن يضمها نسق أو تسلك في عقد واحد، وليكون لنا، بذلك «فلسفة عربية» لا تتجاهل العصر ولا تنفصل عن الماضي. (5)
لا شك أن زكي نجيب محمود كشف لنا في مشروعه، بل في كل ما كتب، عن سمة أساسية من سمات تخلفنا هي الخلط بين مجالات كان ينبغي التمييز بينها بوضوح، فنحن في كثير من الأحيان لا نفرق بين مجال الدين ومجال العلم، وبين مجال الوجدان (والدين وجدان) وبين مجال العقل، وتلك محمدة نحمدها له لأن إدراك الفروق والتمييزات بين المجالات المختلفة هي البداية الحقيقية للانطلاق والتقدم، فكل من أراد أن ينجز عملا عظيما عليه أن يحدد نفسه كما قال هيجل بحق، في حين أن الخلط وعدم التمييز أو التحديد الواضح يؤكد التخلف ويثبت التفكير البدائي الفج. (6)
وضع مفكرنا يده على مشكلة رئيسية عندنا، وهي اللحاق بركب الحضارة مع الإبقاء على هويتنا العربية، وأطلق على هذه المشكلة مرة اسم «الأصالة والمعاصرة»، ومرة أخرى الجمع بين «العقل والوجدان» أو العلم والدين، ومن أجل الوصول إلى حل لهذه المشكلة كتب «تجديد الفكر العربي» و«المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري» و«ثقافتنا في مواجهة العصر» و«ثقافتنا في مواجهة العصر» و«مجتمع جديد أو الكارثة» ... إلخ وهو جهد لم يبذله مفكر آخر في أية مشكلة. (7)
ضغط على «الدمل» عندنا عندما أدرك بوضوح أن «أس البلاء في مجال الفكر هو أن يجتمع السيف والرأي الذي لا رأي غيره في يد واحدة، وتلك كانت الحال في جزء من تراثنا، هو الجزء الذي ندعو إلى طمسه ليموت ...!» (8)
Bilinmeyen sayfa