224

لذكره وكان الفقراء ذات يوم مجتمعين بالزاوية على الكيفية التي ذكرنا انه يخففها ويسكت عنها وجلس وراءهم خفية عنه وظفر به بعض أصحابه فقال له يا سيدي ما أجلسك هذا المجلس فقال أطلب الله في هؤلاء وادعو لهم وفي المباحث الأصلية.

ولا يجوز عنده التكلم

ولا التلاهي لا ولا التبسم

قلت وإن كان ولا بد فمن أسلم الهيآت وأحسنها وأبعدها من الظنة (1) وذكر الإمام الساحلي رضي الله عنه وهو أن الفقير إذا اشتغل بالإرادة فحقه أن يقطع العلائق كلها وينبذ اللذات والراحات ويهجر المألوفات ويستعمل العزلة والخلوة وذلك أمر شاق على النفس في الابتداء فإنها شديدة الحنين إلى ما تألفه من البطالة والأنس بالخلق ويخشى عليها من هجم عليها بقطع جميع ذلك على الدوام أن تنفر فوجب ترويحها حينا بعد حين بالاجتماع ليكون ذلك استجماعا (2) ولا يكون ذلك على الدوام لئلا ترجع إلى طبعها من الألفة بل يكون ذلك بحسب الحاجة ثم يجب أن لا يكون الاجتماع بالبطالة وترك ما هو عليه فانه لا بد من مواصلة الأوراد والدوام على العمل بلا فترة فلزم أن يكون الاجتماع على الذكر الذي كان يستعمله المريد في خلوته بنفسه حتى كأنه لم يخرج عن خلوته ولم ينتقل عن حالته غير أن ما كان يعمله وحده عمله مع إخوانه ليفيد النفس تأنيسا بهم وصفة الاجتماع أن يعقدوا الميعاد ليوم معلوم فيحضرون ويجمعون من الطعام ما تيسر مع غاية البعد عن التكلف والرياء والتباهي إلى أن قال وصفة الذكر أن يجلسوا حلقة ثم يرفعوا أصواتهم بذكر واحد من الأذكار التي عندهم كالهيللة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خافضين رءوسهم غاضين أبصارهم على غاية الوقار والسكينة والخشوع من غير اضطراب ولا حركة إلى أن ينزل على أحد حالة غالبة تزعجه من غير اختيار وليس

Sayfa 241