194

أشده صبرا وتحملا لإذاية الإخوان والأحباب خصوصا في السفر وهو الذي يؤدي حقوق الأخوة فيشاطر بالمال غير ما مرة إخوانه أولى من نفسه وهو معي بأزيد من هذا بحيث لا يملك لجانبا شيئا ومن كان معنا في الرفقة كان في داره ذهابا وإيابا وكذا ما معنا من العيال والدواب كل ذلك في عياله وأوصافه تقصر العبارة عنها لكن التلويح يغني عن التصريح نعم الكل شمل واحد وأمر الجميع متحد ومهما عزمت على شيء ووصلت إليه ذهب من غير موادعة ولا كلام منه إلى ولا مني إليه في جميع ما حتجت إليه فحزمت وجزمت وجزم أن قرابتي وقرابته أيد الله الجميع بالتمكين وحلى جميعنا بحلية المتقين وودعنا من في المدينة من العلماء والصلحاء لا أحصيهم عددا إذ كثير من يحبنا لا أعرف أسماءهم وأما في المنشية فأكثر من أن يحصى هذا وإن أهل الصلاح بالمنشية والساحل والهنشير وأفرون بحيث من فيه قوة الشم يعلمهم بنفس رؤيتهم إلا من أصابه زكام المعاصي وتراكمت عليه الحجب فلا يظهر له أحد وقد قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه المرء مخبوء تحت لسانه إن تكلم فمن حينه وإن سكت فمن يومه اه أي إذا تكلم عرف حاله من كلامه إذ ما كان فيك ظهر على فيك كل إناء بما فيه يرشح إن عسلا فعسل وإن خمرا فخمر وإن سكت فمن يومه أعرفه من أفعاله كحركاته وسكناته إذ كل ذلك لا بد وأن يكون موافقا للسنة المحمدية إذ لا يجوز للإنسان أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه ولا شك أن كل حركة وسكون يصدر منك إلا وأنت مسئول عنه لم تحركت ولم سكنت وبالجملة فأهل هذا الوطن خيرهم ظاهر وحملهم بين وحبهم لأهل الله قوي .

ولما خرجنا من دار أخينا في الله والود من أجله سيدي محمد الشريف اجتمعت الشرفاء صغيرا وكبيرا وكذا جيرانهم وغيرهم من أهل الخير كالسوق وأعظم محبة في الله ورغبة فيما عنده [فكنا في التوديع من صبيحة ذلك اليوم حتى ارتفعت الشمس

Sayfa 211