177

ذات المحبوب وصفاته وأفعاله فيصحبه في ذلك الوقت بعض المحو فيقول الجاهل تكدر وقته ، وعظمت محنته ، وعالت مصيبته ، والمعترض صاحب الحرمان ، وغلبت عليه النفس والشيطان ، وإلا لسلم لمن هذا وصفه إذ هو في تجليات المحبوب ، والغيب عن المربوب ، فجدير أن يؤيد في ذلك المقام وإلا فلا يستطيع أن يحمل ما للباقي إذ الفاني لا قدرة له على ذلك ، ولا يتحمل ما هنالك ، فيجول قلبه في معارف الله تعالى وإذا تليت عليه آيات القرآن زادته إيمانا وعلى ربه يتوكل فإذا تقوى عليه الله الشهود وسار في الأرواح ذهب سر الأسرار في قائمة عروس التجلي فلا ينعكس أصلا فذلك إسراء الأرواح لربهم فيحليها بما حلى به المقربين من عباده وحينئذ تكون له شطحات يشطح بما حلي به أما بسر الذات أو بمعنى الصفات أو بشذاء الأسماء فإذا تغذى بها ظهر ذلك على الأجباح ولذا قال بعض العارفين إذ نزل الوجد على الرأس حركه وعلى العين أدمعها وعلى اللسان انطقه بما به شطح وعلى اليد بطش بها وعلى الرجل رقصت فحينئذ يغيب الناس بسر اللهوت فينادي لسان الحقيقة بما يشبه الاتحاد فيقول مثلا أنا هو فإذا دام شربه ظهرت أنوار الحق عليه لأن ما فيك ، ظهر على فيك ، كل إناء بما فيه يرشح ، هذا وإن وسع التجلي لا يعرف قدره إلا صاحب التأييد من العزيز المقتدر هيهات من هو دون مقامه ، أن يشم رائحة أنعامه ، ولا أن يكون في قسمة من أقسامه ، نعم لا يفهم كلام الأخرس إلا أمه ، وفي ذلك الغيب وجمع الجمع يصير ملتقطا لدرر التوحيد ، وغرر التجريد ، لتجلي بها في منصة التوحيد ، فلا يعلم ما هو عليه إلا من شرب من مشربه ، وشرابه يرقيه إلى محبوبه ، وإن إلى ربك المنتهى ، فيصير هو سمعا له وبصرا ونطقا ، وإلى هذا المعنى أشار ابن مالك بقوله «وذو ارتفاع وانفصال أنا هو» أي الضمير بسر اللهوت المنفصل عن الخلق ، المتصل بالحق ، فإذا غاب بمحبوبه ، يقول في حال غيبه ومحوه ، إذ لا يرى إلا ذات المحبوب وأوصافها فلم يبق له سواه ينظر إليه ولذا يقولون الوجود واحد إذ لو

Sayfa 194