114

وسبعين وسار حتى بلغ القيروان فسأل أهل أفريقية عن أعظم ملك فقالوا له صاحب قرطاجنة وكانت مدينة عظيمة تضرب أمواج البحر سورها وهي من توسن على اثني عشر ميلا وبين تونس والقيروان مائة ميل فغزا حسان بن النعمان قرطاجنة وبها خلق عظيم فإنها كانت دار الملك بأفريقية فبعث الخيل إليها وكان البحر لم يخرق إلى تونس وإنما خرق بعد ذلك وعملت دار الصناعة فالتقى الفريقان والتحم الحرب بينهم وضيق عليهم حسان فقتل مقاتلتهم ورجالهم فاجتمع رأيهم على الهروب وكانت لهم مراكب قد أعدوها فارتحلوا فيها بأهلهم وأموالهم فمنهم من ذهب إلى جزيرة صقيلة ومنهم من ذهب إلى الأندلس فلما انصرف حسان علم أهل بواديها بهروب أهل الملك فتحصنوا بها فوجه إليهم حسان فاحاصرهم حصارا شديدا حتى دخل بالسيف وقاتلهم قتلا ذريعا وأرسل من حولها فأمرهم بهدمها وكسر القناة التي كان يأتيهم الماء عليها ثم إن حسانا بلغه أن النصارى تجمعوا لقتاله وأمدهم البربر فزحف إليهم فقاتلهم قتالا شديدا فانهزموا وهرب البربر إلى إقليم برقة وقدم حسنا مدينة القيروان فلما استراح الناس قال لهم دلوني على أعظم ملك بقي بأفريقية إذا قتل خاف البربر والنصارى وهابت المسلمين فلا تقدم عليهم فقالوا ليس بأفريقية أعظم من امرأة بجبل أوراس يقال لها الكاهنة والبربر والنصارى لها مطيعون ومنها خائفون فلما اخبروه بذلك توجه لقتال الكاهنة فبلغ الكاهنة أمره فارتحلت من جبل أوراس في عدد عظيم إلى مدينة باغية فأخرجت منها الروم وأخبرت حصنها وظنت أن حسانا إنما يريد معقلا يتحصن فيه وأقبل حسان في جيوشه حتى دنا بعضهم من بعض وذلك في آخر النهار فكره حسان لقاءها في ذلك الوقت فبات الناس على سروجهم حتى أصبح الله بخير الصباح فزحف بعضهم إلى بعض واقتتلوا اشد قتال وقتل من العرب خلق كثير وأسرت الكاهنة من أصحاب حسان ثلاثين رجلا منهم خالد بن يزيد العبسي وكان رجلا شريفا واتبعت الكاهنة

Sayfa 131