بكر، وكانت تُلقَّب أم الخلفاء. انتقل الأمير أبو زكريا إلى ولاية إفريقية سني العشرين والستمائة. ودعا لنفسه بها، وخلع دعوة بني عبد المؤمن سنة خمس وعشرين. واستبد بإفريقية، وانتقضت دولة الموحدين بالأندلس، وثار عليهم ابن هود. ثم هلك واضطربت الأندلس، وتكالب الطاغية عليها، وردد الغزو إلى الفُرُنْتِيرَة، بسيطِ قرطبة وإِشْبِيلِية إلى جَيَّان، وثار ابن الأحمر بغرب الأندلس من حصن أرجونة، يرجو التماسك لما بقي من رمق الأندلس. وفاوض أهل الشورى يومئذ بإِشْبِيلِية. وهم بنو الباجي، وبنو الجَدّ، وبنو الوزير، وبنو سيَّد الناس، وبنو خلدون. وداخلهم في الثورة على بن هود، وأن يتجافوا للطاغية عن الفُرُنْتِيرَة، ويتمسكوا بالجبال الساحلية وأمصارها المتوعرة، من مالقه إلى غرناطة إلى المَرِيَّة، فلم يوافقوه على بلدهم.
وكان مقدمهم أبو مروان الباجي، فنابذهم ابن الأحمر وخلع طاعة الباجي، وبايع مرة لابن هود، ومره لصاحب مراكش من بني عبد المؤمن، ومرة للأمير أبي
زكرياء صاحب إفريقية. ونزل غرناطة، واتخذها دارا لملكه، وبقيت الفَرُنْتِيرَةُ وأمصارها ضاحية من ظل الملك، فخشي بنو خلدون سوء العاقبة مع الطاغية، وارتحلوا من إشبيلية إلى العدوة، ونزلوا سَبتة وأَجْلبَ الطاغية على تلك الثغور،
1 / 33