وانتقض المغرب على السلطان، واستقل به ابنه أبو عنان. ثم ركب (السلطان) أبو الحسن في أساطيله من تونس آخر سنة خمسين، ومر ببجاية، فأدركه الغرق في سواحلها، فغرقت أساطيله، وغرق أهله، وأكثر من كان معه من هؤلاء الفضلاء وغيرهم. وألقاه البحر ببعض الجزر هناك، حتى استنفذه منه بعض أساطيله، ونجا إلى الجزائر بعد أن تلف موجوده، وهلك الكثير من عياله وأصحابه، وكان من أمره ما مر في أخباره.
وإما الآبلي واسمه محمد بن إبراهيم، فمنشؤه بتلمسان، وأصله من جالية الأندلس، من أهل آبلة، من بلاد الجوف منها، أجاز أبوه وعمه أحمد، فاستخدمهم يغمراسن بن زيان، وولده في جندهم، وأصهر إبراهيم منهما إلى القاضي بتلمسان محمد بن غلبون في ابنته، فولدت له محمدًا هذا. ونشأ بتلمسان في كفالة جده القاضي، فنشأ له بذلك ميل إلى انتحال العلم عن الجندية التي كانت مُنْتَحَل أبيه (وعمَّه). فلما يفع وأدرك، سبق إلى ذهنه محبة التعاليم، فبرع فيها، واشتهر. وعكف الناس عليه في تعلمها وهو في سن البلوغ. ثم أطل السلطان يوسف بن يعقوب على تلمسان، وجثم عليها يحاصرها. وسير بعوثه إلى الأعمال، فافتتح أكثرها، وكان إبراهيم الآبلي قائدًا بهنين؛ مرسى تلمسان في لمة من الجند، فلما
1 / 49