245

قلت : والنيل (1) نهر عظيم (2) متسع جدا ، آخذ من الجنوب إلى الشمال ، ويفترق بعد مسافة من فسطاط مصر على ثلاثة أنهار ، ولا يدخل واحد منها إلا في القوارب شتاء وصيفا ؛ وقد دخلته من مجمع نهرين فقرأت حزبا (3) من القرآن قبل أن يقطع القارب إلى الجزيرة (4) الأخرى ، وصورة السقي به أن أهل كل بلد لهم خلج (5) تخرج منه ، فإذا جاء مد أترعها (6) ففاضت على المزارع وسقتها كما تسقي سائر الأنهار ؛ وقد علموا أين ينتهي سقي كل مقياس ، ومن غرائب صنع الله ، أن مده يبتدىء في معمعان الحر وشدته. في الوقت الذي تفيض (7) فيه الأنهار ، وينتهى في الوقت الذي تمد فيه الأنهار ؛ ويفيض فيحسر الماء عن الأرض في مبدأ زمان الحرث. وقد حكى البكري عن ابن حبيب «أن الله تعالى جعل النيل معادلا لأنهار الدنيا ، فحين يبتدى بالزيادة تنقص كلها ، وذلك لخمس بقين من شهر يونية وحين يبتدى بالنقصان تزيد كلها». (8)

Sayfa 314