منهج الإيجاز أن يوضع المضمر (1) موضع الظاهر ، ثم يجري الخبر على من حدث عنه ، وهو الوارث ، فيجري الكلام في طريقه ، مع الإيجاز في وضع المضمر موضع الظاهر ، والسلامة من تفاوت اللفظ في الإخبار عن لفظ مفرد بمثنى ؛ وهذا لعمر الله مما لا ينال إلا بالتأييد الإلهي ، والعصمة الربانية. ونظير هذا مما وضع (2) فيه اسم موضع غيره إيجازا ، ثم جرى الكلام مجراه في الحديث عمن هوله ، وإن لم يذكر قوله تعالى ( وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون ) (3). فعاد هذا الضمير والخبر على أهل القرية الذين أقيمت القرية في الذكر (4) مقامهم ، فجرى (5) الكلام مجراه مع حصول الإيجاز في وضع القرية موضع أهلها ، وفهم المعنى من غير كلفة ، وهذه الغاية في البيان يقصر عن مداها شأو الإنسان وبالله التوفيق. [35 / آ]
* [ذكر القيروان]
ثم وصلنا إلى مدينة القيروان ، فدخلتها مجدا في البحث غيروان (6)، فلم أر إلا رسوما محتها يد الزمان ، وآثارا يقال عنها : كان وكان ، والأحياء من أهلها جفاة الطباع ، مالهم في رقة الحضارة باع ، ولا في معنى من
Sayfa 157