Rihla
رحلة ابن جبير - الجزء1
Yayıncı
دار بيروت للطباعة والنشر
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yeri
بيروت
فيها من البناء آثار تدل على عظم اعتنائهم بها ولها قلعة حصينة في جوفيها تنقطع عنها وتنحاز منها ومدن هذه الجهات كلها لا تخلو من القلاع السلطانية. وأهلها أهل فضل وخير سنيون شافعيون وهي مطهرة بهم من أهل المذاهب المنحرفة والعقائد الفاسدة كما تجده في الأكثر من هذه البلاد فمعاملاتهم صحيحة وأحوالهم مستقيمة وجادتهم الواضحة في دينهم من اعتراض بنيات الطريق١ سليمة.
فكان نزولنا خارجها في أحد بساتينها وأقمنا يوما مريحين ثم رحلنا نصف الليل ووصلنا بزاعة ضحوة يوم السبت الثاني عشر لربيع المذكور.
١ بنيات الطريق: الطرق الصغيرة استعارها هنا للفرق المبدعة.
ذكر بلدة بزاعة كلاها الله ﷿
بقعة طيبة الثرى واسعة الذرى٢ تصغر عن المدن وتكبر عن القرى بها سوق تجمع بين المرافق السفرية والمتاجر لحضرية وفي أعلاها قلعة كبيرة حصينة رامها أحد ملوك الزمن فغاظته باستصعابها فامر بثلم بنائها حتى غاردها عورة منبوذة بعرائها ولهذه البلدة عين معينة يخترق ماؤها بسيط بطحاء ترف بساتينها خضرة ونضارة وتريك برونقها الأنيق حسن الحضارة.
ويناظرها في جانب البطحاء قرية كبيرة تعرف بالباب هي باب بين بزاعة وحلب وكان يعمرها منذ ثماني سنين قوم من الملاحدة الاسماعيلية لا يحصى عددهم إلا الله فطار شرارهم وقطع هذه السبيل فسادهم واضرارهم حتى داخلت أهل هذه البلاد العصبية وحركتهم الأنفة والحمية فتجمعوا من كل أوب عليهم ووضعوا السيوف فيهم فاستأصلوهم عن
٢ الذرى: الجانب.
1 / 224