مِنْ بَعْدِهِ مُسَيْلِمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْقُشَيْرِيُّ وَأَنْشَدَ أَبْيَاتًا تَرَكْنَا ذِكْرَهَا، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَعْدِهِ سعد بن معد يكرب وأنشد أبياتا تركنا ذكرها)، وهكذا يخرج كثير من الفرسان فيقولون شعرا لم يذكره الواقدي اختصارا ببعض الذي أنشد، فكم ضاع من هذا الشعر الذي أغفله المؤرخون ورواة الشعر وتجاهله المسلمون لأن بعضه مما يناهض الإسلام أو يهجو المسلمين وقد تبرأ منه المرتدون بعد أن عادوا إلى حضيرة الإسلام وانطلقوا نحو الفتوح يجالدون الفرس والروم.
وقد كانت عناية المؤلف الواقدي في هذا الكتاب كدأبه في كتابه المغازي معنيا بذكر تفاصيل الأحداث حريصا على تدوين الرسائل والكتب والخطب وذكر المحاورات والمناوشات، لم يهمل الجزئيات والتفاصيل سجل كل ما يمكن تسجيله في هذه الحروب مع تفسير شاف لأسباب الوقائع والأحداث، ولذلك فقد تفرّد الكتاب بمعلومات وروايات وأشعار لم تذكرها كتب التاريخ والأدب قبله، وقد اقتبس بعض المؤرخين من هذا الكتاب وذكروا بعض نصوصه مختصرة من مثل ابن سعد في الطبقات، والطبري في تاريخه، وعبد الرحمن بن حبيش في كتابه المغازي، وابن حجر في الإصابة، وغيرهم.
وقد وجدت في تحقيق هذا الكتاب وخدمته إحياء لتراثنا التاريخي والأدبي في عصر الخلافة الراشدة، وإشادة بالبطولة العربية الإسلامية ومثلها العليا التي وحّدت الجزيرة العربية وحملت راية الإسلام خفّاقة منتصرة تنشر التوحيد والحرية والسلام في الخافقين، أسأل الله سبحانه السداد والرشاد في القول والعمل، فمنه الهداية وبه التوفيق والحمد للَّه أولا وآخرا.
بغداد يحيى وهيب الجبوري ٥ رجب ١٤١٠ هـ- ٣١ كانون الثاني (يناير) ١٩٩٠ م
1 / 7