============================================================
أبدانهم: إذا طال السقم بأحدهم (وأغفل داءه حتى) (1) أعضل لم ينجع الدواء فيه الا بطيئا، وكذلك من طال مرض قلبه وأعضل داؤه لم ينجع التخويف فيه سريعا فاذا لم ينجع التخويف فيه سريعا) (2) ، فللعدو وللنفس تثبيط منهما بالدعاء عند طلب الخوف، فإذا لم ينجع التخويف فيه سريعا، دعته نفسه وعدوه إلى الملال و السامة والانصراف عن الفكر، وأنه ليس بمقامك ، ولا يهيج الخوف من مثلك إنما تعني نفسك ، فيترك الفكرة والطلب، ويعتقد المنى والتسويف إلا أن يكون لبيبا فطنا، فإن كان لبيبا فطنأ رجع إليهما بالزجر هما عن دعائهما (وقال لهما) (3) : إن عظيم ما يطالب من النجاة، وعظيم ما قد حل به من البلاء المسلم له إلى عذاب اله، الا أن يعفو الكريم (تعالى) (4) : يزيلان السآمة والملال في طلب الخوف الا ويبعثان على الدوام بالفكر بالتخويف، وإنما هذا مقام مثلى لأنه إنما خوف العاصين من عباده ليخافوه، وتهدد بالتخويف من عظم ذنبه وطالت غفلته، ليتيقظ من ر قدته ويفيق من سكرته، ولكن دائي قد أعضل، وسقم قلي قد طال، فالدواء(5) بالفكر والتخويف(2) أولى بي إذ أعضل دائي، وطالت غفلتي، فإن أدمن على ذلك هاج الخوف بإذن ربي (7) .
و لذلك مثال من الدنيا كالداء إذا أعضل لم يبرأ صاحبه إلا بدوام التداوي ال وكالثوب إذا كثر وسخه لم ينق إلا بإدامه غسله، فإذا أدمن المصر الفكر بالتخويف سخت نفسه بالتوبة، وكذلك التائب من بعض ذنوبه المقيم على بعضها قد كون بعض ما هو مقيم عليه قد غلب على قلبه حته، وطالت به غفلته ، ودامت له عادته، ومطالبة الخوف في عاقبة ذنبه ذكل عسيرة، وهو دون المصر على أكثر ذنوبه، إلا أنه يحتاج أيضا إلى الدوام على الفكر ، ودفع خدع النفس والعدو بمثل ذلك، حتى يسخو نفسا بالتوبة، ويندم على جملة ما عمل من الذنوب، وينوي ان لا يعود وقد آنجع حينيذ فيهما الخوف .
4) ما بين الحاصرتين سقط من ط (6) في ط: بالتخويف.
(5) في ط: بالدوام.
(7) في ا: باذن الله تعالى.
Sayfa 72